201

Durūs al-Shaykh ʿUmar al-Ashqar

دروس الشيخ عمر الأشقر

Genres

وصية النبي ﷺ لابن عباس
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فقد بعث الله ﵎ عبده ورسوله محمدًا صلوات الله وسلامه عليه؛ ليكون معلمًا للبشرية؛ وليكون هاديًا وسراجًا منيرًا، فكل معلم لا يستمد علمه من رسول الله ﷺ فليس بمعلم، وكل ما ثبت من طريق هذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، وما تعلم منه فهو خير وحق وعدل؛ لأنه المعلم الصادق.
ولقد كانت كلمات قليلة تصدر من المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فتغير عقائد فاسدة، وأخلاقًا سيئة، وسلوكًا يجري العمل به بين الناس قد استقر في أذهانهم، وكأنما هو دين وشريعة تؤثر في نفوسهم وفي أولادهم تأثيرًا سيئًا، وكان ﷺ يغني بالكلمات القليلة النفوس، وكان يوجه الأمة بكلمات تصدر منه صلوات الله وسلامه عليه وهو جالس في بيته أو في مسجده أو سائر على فرسه أو على دابته، تعجز إمكانيات البشرية اليوم أن تفعل كما فعلت كلماته ﵊.
من هذه التعاليم التي نحفظها تلك الكلمات التي وجهها الرسول ﷺ لابن عمه عبد الله بن عباس وكان غلامًا صغيرًا، وذلك أنه كان يسير مع الرسول ﷺ فقال له: (يا غلام! ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)، أو كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
فبالله عليكم من منا لا يحتاج لهذه الوصايا؟! ومن منا لا تنفعه ولا تكون دستورًا لحياته؟! ومنهجًا يسلكه ويسير على ضوئه في عمله وفكره؟ أليس في هذه الوصايا توجيه للأمة كلها؟ فلو اتخذت الأمة من هذه الكلمات منهجًا وسبيلًا فإنها ستفلح.
فإذا حفظت الأمة الله ﵎ في عقيدتها، وفي فكرها، وفي قولها، وفي عملها، وفي سلوكها وآدابها، وفي قوانينها، ألا يحفظها الله ﵎؟! ألا يعزها سبحانه؟! ألا يدفع عنها أعداءها؟ ويدفع عنها البلاء؟! بلى والله.

22 / 2