Durūs liʾl-Shaykh ʿAbd Allāh al-Jalālī
دروس للشيخ عبد الله الجلالي
Genres
حكم وجود الكفار في جزيرة العرب، وحكم مشاركتهم في أعيادهم ومناسباتهم
السؤال
أقيمت بعض الأعياد التي هي مخالفة لكتاب الله ولسنة رسول الله ﷺ من أعياد النصارى واليهود، وقد أحيت القوات الأمريكية والبريطانية أعياد الميلاد في جو يغضب الله تعالى، حيث المسكرات والزنا والحفلات الغنائية، فنرجوا كشف النقاب عن حكم بقاء هؤلاء في البلاد؟
الجواب
هذا السؤال محرج، لكن لابد منه، وأرجو الله أن يعيننا على تحمل هذه المسئولية.
فأقول: إن جزيرة العرب أرض مقدسة طاهرة، يقول عنها الرسول ﷺ: (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) ويقول: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب)، وهذه أحاديث صحيحة عن رسول الله ﷺ.
وما كنا نتصور أن جزيرة العرب يجتمع فيها أكثر من دين، لكن حصلت ظروف قاسية وأمور لا يعلمها إلا الله ﷿، فكان لها أثر في تواجد ملل، حتى أصبحت جميع ملل العالم تجتمع في جزيرة العرب، حتى البوذيين وحتى اليهود وعباد الصليب، نسأل الله العافية والسلامة.
وعلى كل فهؤلاء الكافرون ليس غريبًا أن يقيموا أعيادهم؛ لأن هذه ملتهم، ولكن الغريب أن يقيموها في جزيرة العرب، وأغرب من هذا أن يشاركهم بعض المسلمين، كما سمعنا أن في بعض المستشفيات وبعض المراكز التي يختلط فيها المسلمون بغير المسلمين يجتمع بعض المسلمين مع هؤلاء الكافرين في أعيادهم، وهذا هو أخطر شيء في ذوبان الشخصية الإسلامية مع الشخصية الكافرة.
ولذلك نقول: ليس غريبًا أن يسكر هؤلاء أو يزنوا؛ لأن الكفر فوق ذلك، وليس بعد الكفر ذنب، لكن نقول: لماذا يكون ذلك في بلاد المسلمين؟! وأنا سمعت أن الدولة أصدرت أوامر أنه لا يسمح لهؤلاء أن يقيموها في بلادنا أبدًا، لكن نطالب المسئولين بحماية هذه القرارات، فهل هناك من يحمي هذه القرارات، أم أنها حبر على ورق؟ لا ندري.
ولكن ربما يوجد في الهيئات من يقوم بمثل هذا الدور، ونسأل الله أن يعينهم، وإن كانت الهيئات قد فقدت كثيرًا من تأثيرها في أيامنا الحاضرة.
أما بالنسبة لمشاركة المسلمين لهؤلاء الكافرين في أعيادهم فهذا خطر، وأخاف أن يكون ردة عن الإسلام؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة:٥١]، وقال: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود:١١٣]، ولما فكر الرسول ﷺ مرة من المرات أن يلين مع الكافرين لينًا بسيطًا من أجل الدعوة ومصلحة الدعوة قال الله تعالى له: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ [الإسراء:٧٤ - ٧٥]، يعني: ضاعفنا لك العذاب في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة لو ملت شيئًا قليلًا.
وإذا كان الرسول ﵊ يريد أن يميل قليلًا من أجل مصلحة الدعوة، ولو فعل شيئًا من ذلك يذيقه الله تعالى ضعف الحياة وضعف الممات، فكيف بمصير واحد من المسلمين يريد أن يميل مع هؤلاء الكافرين لا لمصلحة الدعوة، وإنما لمصلحة الشهوة والحرام، ومع ذلك يميل ميلًا عظيمًا كما يوجد في أيامنا الحاضرة؟! فأنا أحذر المسلمين من أن يشاركوا هؤلاء الكافرين في أعيادهم أو في مناسباتهم، وقد أفتى كثير من العلماء البارزين في أيامنا الحاضرة بأن مشاركتهم خطر على دين هذا الإنسان.
وأنا أحذر كل الناس، وأخص بالذكر الذين يعملون في المستشفيات؛ لأن المستشفيات -مع الأسف- أصبح الآن فيها مئات الكافرات والكافرين من الممرضات والأطباء، فأنا أخاف على هؤلاء أن يذوبوا معهم، وأن يمتزجوا معهم في مثل هذه المناسبات.
فأقول لهم: اتقوا الله؛ لأنه يصاب دينكم بخلل، والله تعالى يقول: ﴿وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾ [هود:١١٣]، ويقول: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة:١]، ويقول: ﴿لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ﴾ [الممتحنة:١٣]، ويقول: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ﴾ [المجادلة:١٤].
إن هذه أمور عظيمة تتعلق بالعقيدة، ولا تدخل في باب المعاصي، فالولاء والبراء من أصول العقيدة التي يؤدي تركها والمخالفة فيها إلى النار، وتؤدي إلى الخلود في النار في بعض الأحيان.
إذًا نحن نعتبر موالاة هؤلاء الكافرين ليست من باب المعاصي التي هي تحت مشيئة الله وإرادته، وإنما هي من باب العقيدة التي يقول الله ﷿ عنها: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة:٥١] وباب الولاء والبراء يدخل في عقيدة التوحيد وعقيدة الشرك، نسأل الله العافية والسلامة.
ونسأل الله أن يعين الدولة ويهديها ويوفقها حتى لا يبقى في جزيرة العرب إلا دين الإسلام مرفوع الرأس، ولو سافرنا إلى بلادهم ما استطعنا أن نؤدي جزءًا بسيطًا مما يؤدونه، حتى الأذان يمنع في بلاد الكافرين، ونحن الآن في بلاد المسلمين نجدهم يعيشون مرفوعي الرءوس.
12 / 19