210

Durūs liʾl-Shaykh ʿAbd Allāh al-Jalālī

دروس للشيخ عبد الله الجلالي

Genres

قوله تعالى: (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم)
هذا حكم الله هو الذي لا يصلح البشرية إلا هو، ولذلك أولئك يعرضون عن حكم الله ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [النور:٤٨] لا يريدون شرع الله؛ لأنهم أصحاب شهوات، وأصحاب فساد، لأنهم لصوص الأرض لا يريدون أن تقطع يد السارق فيصل القطع إليهم في يوم من الأيام، لأنهم يهوون الزنا والفواحش، ولا يريدون أن يرجم الزاني أو يجلد؛ لأن الزنا ديدنهم وصفتهم، فلما فسدوا ظنوا سوءًا بحكم الله ﷿.
(وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) ومتى يرجعون إلى شرع الله؟ إذا كان الحق لهم، ولذلك اليهودي رضي بشرع الله؛ لأنه يعرف أن الحق له في شرع الله، والمنافق رفض حكم الرسول ﷺ وأراد حكم كعب بن الأشرف؛ لأنه يعرف أن عند كعب بن الأشرف حكمًا غير حكم الله، أي: لن يعطي صاحب الحق حقه، هذا هو السر في إعراضهم عن شرع الله.
لكن تصور -يا أخي- لو كانوا يعرفون أن الحق لهم! فلو عرفوا أن الحق لهم لرجعوا إليه مذعنين، والآن يسود العالم دندنة تقول: لابد من التزام حقوق الإنسان، ولا تقتلوا الإنسان، لا تقتلوا القاتل، ولا تقطعوا يد السارق، إنها جريمة فاحشة وحكم شنيع.
ولو واحدًا منهم أراد أن يحكم -ولا يستطيع أن يحكم إلا على الجماجم والأشلاء والدماء- لأباد هذا العالم كله ليحكم، وهو الذي يقول بالأمس: القتل وحشية وإراقة الدماء وحشية فلو أراد أن يحكم ورأى أنه لا يحكم إلا بأن يقتل ولو ثلاثين ألفًا من مدينة واحدة من أجل أن يثبت ملكه ليحولها -كما يقال- إلى مزارع للبقدونس لنفذ ذلك الحكم، لكن قتل مجرم واحد يرى أنه وحشية وجريمة.

7 / 10