والجواب: أن المختار لا يجب عليه شيء، وقد أثبتنا في محله أنه مختار تعالى (١) وتقدس (٢).
[ومما يجب التنبه له أن المعتزلة، وإن قالوا بالتوليد لكن وافقوا الفلاسة] (٣)؛ إذ التوليد لازم للمباشرة، كحركة المفتاح لحركة اليد.
واعلم أن كلام المصنف منظور فيه من وجهين: الأول: أنه لم يذكر العِلْم في تعريف الدليل ليشمل الأمارة على ما ذكرناه، ثم أفرد ذكر العلم، وقال: هل العِلْم عقيبه مكتسب؟ وكان المناسب أن يقول: هل الحاصل؟
الثاني: أنه لا خلاف عندهم في أن العلم الحاصل، أو الظن بعد النظر في الدليل مكتسب؛ لأن كل استدلالي كسبي، ولا عكس.
وما نقل عن بعض المشايخ (٤) أن العلم الحاصل بعد النظر ضروري، معناه: أنه لا تأثير لقدرة العبد فيه لأنه لا يحتاج إلى الكسب؛ إذ كل نظري كسبي إجماعًا، ولا عكس.
(١) في (ب): "أنه تعالى مختار وتقدس" والأولى تركيبًا ما ذكر من (أ).
(٢) آخر الورقة (١٤ / ب من أ).
(٣) ما بين المعكوفتين سقط من (ب) وأثبت بهامشها.
(٤) هذا هو المذهب الرابع في المسألة، وسبق ذكر المذاهب الأخرى، وصاحب هذا القول هو الإمام الرازي حيث قال: "مسألة: حصول العلم عقيب النظر الصحيح بالعادة عند الأشعري، وبالتوليد عند المعتزلة، والأصح الوجوب لا على سبيل التولد، أما الوجوب، فلأن كل من علم أن العالم متغير، وكل متغير ممكن، فمع حضور هذين العِلْمين في الذهن يستحيل أن لا يعلم أن العالم ممكن، والعلم بهذا الامتناع ضروري" المحصل ص/٦٦. =