/ بسم الله الرحمن الرحيم 2أ
يا مسهل
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، وجعله معجزا لجميع العباد من الأعاجم والأعراب ، وافتتحه بما تحيرت فيه أولو الألباب من الأحرف النورانية ، والألفاظ العربية العجاب ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد ، الذي أرسله الله إلى جميع المخلوقات ؛ فنطق بأفصح خطاب ، وأحسن جواب ، وعلى آله أولي الفصاحة والبراعة والبلاغة والرأي المستطاب ، آمين .
أما بعد ...
فيقول العالم العلامة ، الحبر الفهامة ، شيخنا الشيخ أحمد السجاعي الشافعي : هذا شرح للطيف للأبيات التي نظمتها في إعراب فواتح القرآن الشريف على وجه مختصر ، واضح البيان ، لخصته من تفسير القاضي البيضاوي كأصله على طريق منيف ، وزدته شيئا من حواشيه وغيرها كالإتقان ، وبعض خواص يتم المراد بها لمن وفقه الرحمن ، وسميته الدرر في إعراب أوائل السور ، جعله الله خالصا لوجهه الكريم ، ونفعني والمسلمين به النفع العميم ، آمين .
وقد قلت بعد البسملة والحمدلة :
فواتح قرآن كصاد : بالجر والتنوين ، وصاد الذي في القرآن إن قصد به اسم السورة فممنوع من الصرف ، ويجوز أن يحكى ، ومثله : ( ق ) و( ن ) و(حم) و( طس ) ، وقرأ الحسن صاد ، على أنه أمر من المصاداة بمعنى المعارضة المقابلة ، أي عارض القرآن بعملك ، وقرئ بالفتح لذلك ، أو لحذف حرف القسم ، وايصال فعله إليه ، أو إضماره ، والفتح في موضع الجر ، فإنها غير مصروفة ؛ لأنها علم السورة ، كما مر ، وقرئ بالجر على تأويل الكتاب ، قال شيخ الإسلام في شرح الروض: وإذا كتبت في المصحف كتبت حرفا واحدا ، / وأما في غيره فمنهم من يكتبها كذلك، ومنهم من يكتبها باعتبار اسمها2ب ثلاثة أحرف ، انتهى .
Page 1
وقد أورد الله سبحانه وتعالى في هذه الفواتح أربعة عشر اسما ، وهي نصف أسامي حروف المعجم ، إن لم تعد فيها الألف حرفا برأسها ، في تسع وعشرين سورة بعددها إذا عد فيها الألف ، وهي : سورة البقرة ، وآل عمران ، والأعراف ، ويونس ، وما بعدها إلى الحجر ، ومريم ، وطه ، والطواسين ، والعنكبوت ، وما بعدها إلى السجدة ، ويس ، و( ص ) ، والحواميم السبعة ، و( ق ) ، و( ن ) ، ثم إنه ذكرها مفردة ، وثنائية ، وثلاثية ، ورباعية ، وخماسية ، ايذانا بأن المتحدى به مركب من كلماتهم التي أصولها كلمات مفردة ومركبة من حرفين فصاعدا إلى خمسة ، وذكر ثلاث مفردات في ثلاث سور ، وأربع ثنائيات في تسع سور ، وثلاث ثلاثيات في ثلاث عشرة سورة ، ورباعيتين ، وخماسيتين ، وقد بين القاضي توجيه ذلك في تفسيره ، وخبر المبتدأ هو قولي : جرى بها : أي فيها ، خلاف : أي اختلاف بين العلماء ، وقد شرعت في تفصيله ، فقلت : فمعناه حروف (¬1) :
Page 2
فقوله تعالى : [ الم ] وسائر الألفاظ التي يتهجى بها أسماء ، مسمياتها الحروف التي يتركب منها الكلم ، كما أن حروف ، وضرب مثلا : ض ر ب ، مسميات أسماؤها : الضاد والراء والباء ، قال الخليل يوما لأصحابه : كيف تنطقون بكاف ذلك وباء ضرب ، فقالوا نقول : كاف با ، فقال إنما نطقتم بالاسم دون الحرف المسمى ، وهو كه وبه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، بل ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) فقال الرازي : سماه حرفا مجازا ، تسمية للاسم باسم المسمى ؛ لتلازمهما ، انتهى، والمعنى على هذا القول : إن هذا المتحدى به مؤلف من جنس / هذه الحروف ، أو المؤلف منها كذا ، بلا مرا : أي جدال ، قال في المصباح : ماريته مماراة ، ومراء جادلته ، ويقال : ماريته أيضا إذا طعنت في قوله تزييفا للقول ، وتصغيرا للقائل ، ولا يكون المراء إلا اعتراضا ، بخلاف الجدال فإنه لا يكون ابتداء واعتراضا ، انتهى .
Page 3
Page 4
Page 5