338

Durar al-farāʾid al-mustaḥsana fī sharḥ manẓūmat Ibn al-Shiḥna

درر الفرائد المستحسنة في شرح منظومة ابن الشحنة

Editor

الدكتور سُلَيمان حُسَين العُمَيرات

Publisher

دار ابن حزم

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ اخْتِصَاصَ ابْنِ الْحَشْرَجِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ؛ أَيْ بِثُبُوْتِهَا لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى طَرِيْقِ الْحَصْرِ أَمْ لَا، فَتَرَكَ التَّصْرِيْحَ بِاخْتِصَاصِهِ بِهَا؛ بِأَنْ يَقُوْلَ: إِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهَا، أَوْ نَحْوِهِ؛ مِثْلُ: (السَّمَاحَةُ لِابْنِ الْحَشْرَجِ)، أَوْ (سَمُحَ ابْنُ الْحَشْرَجِ) أَوْ (اِبْنُ الْحَشْرَجِ سَمْحٌ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى الْكِنَايَةِ؛ بِأَنْ جَعَلَ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِيْ قُبَّةٍ - تَنْبِيْهًا عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا ذُوْ قُبَّةٍ؛ وَهِيَ تَكُوْنُ فَوْقَ الْخَيْمَةِ تَتَّخِذُهَا الرُّؤَسَاءُ - مَضْرُوْبَةٍ عَلَيْهِ؛ أَيْ: عَلَى ابْنِ الْحَشْرَجِ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ: (الْمَجْدُ بَيْنَ ثَوْبَيْهِ، وَالْكَرَمُ بَيْنَ بُرْدَيْهِ)؛ حَيْثُ لَمْ يُصَرَّحْ بِثُبُوْتِ الْمَجْدِ وَالْكَرَمِ، بَلْ كُنِّيَ عَنْ ذَلِكَ بِكَوْنِهِمَا فِيْ بُرْدَيْهِ وَثَوْبَيْهِ.
٢ - وَالثَّانِيْ: مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:
أَوْ نَفْسِ الصِّفَهْ: أَيِ الْمَطْلُوْبُ بِهَا صِفَةٌ مِنَ الصِّفَاتِ؛ كَالْجُوْدِ، وَالْكَرَمِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَطُوْلِ الْقَامَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ (١)، وَهِيَ ضَرْبَانِ؛ قَرِيْبَةٌ وَبَعِيْدَةٌ (٢):
أوَالْقَرِيْبَةُ ضَرْبَانِ:
١ - وَاضِحَةٌ: يَحْصُلُ الِانْتِقَالُ مِنْهَا بِسُهُوْلَةٍ؛ كَقَوْلِهِمْ فِي الْكِنَايَةِ

(١) وكيفيّةُ هذا الضَّربِ من الكناية أنْ يَذكرَ المتكلِّمُ موصوفًا ويَنْسِبَ إليه صفةً غيرَ مُرادةٍ في ذاتِها، ولكنْ يُستدَلُّ منها على صفةٍ أُخرى هي التي يريدُها المتكلّم.
(٢) القريبة: ينتقلُ ذهنُ المتلقّي فيها من المعنى الوضعيِّ إلى المعنى الكِنائيّ المراد مباشرةً بغيرِ وسيط، وسُمِّيَتْ قريبةً؛ لِقِصَرِ زمنِ إدراك المراد منها؛ بسبب انتفاء الوسائط. والبعيدةُ: ينتقلُ ذهنُ المتلقّي فيها من المعنى الوضعيّ إلى المعنى الكنائيّ المراد بوسيطٍ أو وسائطَ، وسُمِّيَت بعيدةً؛ لبُعدِ زمنِ إدراك المراد منها؛ بسبب وجود الوسائط وكثرتِها أحيانًا.

1 / 372