Durar al-ʿuqud al-faridat fi taragim al-aʿyan al-mufidat
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
Genres
============================================================
في محرم سنة إحدى وستين إلى أن صرف الملك الأشرف شعبان بن حسين قاضي القضاة بهاء الدين أبا البقاء عن القضاء، فبعث إليه واستدعاه من القدس إلى حضرته بالديار المصرية، وكان قد سار إلى دمشق لزيارة أهله، فأقام بها نحو خمسين يوما. وخلع عليه في يوم الاثنين سادس عشري ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وسبع مثة بنظر القدس والخليل، وأن لا يقطع أمرا دونه. وسار من دمشق يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأولى يريد القدس، فاختلف هو والبريدي الذي قدم في طلبه، فبات بالكسوة(1) وأصبح وقد طلب من دمشق، فعاد إليها يوم الثلاثاء، ورسم له بخيل البريد، فسار إلى القدس، وقضى آموره وخطب بها يوم الجمعة السادس والعشرين منه خطبة بليغة كثر فيها البكاء تأسفا على فراقه. ثم سار إلى مصر في عشرة سروج، فنزل ظاهر القاهرة يوم الأحد خامس جمادى الآخرة، وخرج اكابر البلد للقائه، فدخل في ابهة عظيمة، وصعد القلعة فتلقاه الملك الأشرف وأجلسه معه، وولاه القضاء فامتنع من ذلك مرارا، والشلطان يلح عليه وهو يأبى، حتي أقسم عليه ليقبلن، فسكت وأطرق، فأمر السلطان بإحضار الخلعة فأفيضت عليه، واشترط شروطا كثيرة يعود نفعها على الناس، فالتزم الشلطان بهيا. ثم خرج ومعه أعيان الدولة، وركب الحجاب معه، وأوقدت له الشموع من باب القلعة إلى المدرسة الصالحية بين القصرين، وأتاه الناس للهناء، وجاء إليه قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء فتلقاه تلقيا حسنا وبالغ في إكرامه. ولم يشمع في هذه الأعصار بولاية اكمل من ولايته، ولا أبعد من تهمة الرشوة منها. وذكر أنه قيل للسلطان: إن عليه دينا كشيرا فالتزم بقضائه. فغض منه بعض فقهاء البلد وشتع عليه بأنه قليل العلم حسدا منه، ومال معه جماعة من الطلبة، فبلغ ذلك البزهان عنهم، فشمخ عليهم وترفع، وأوقع ببعضهم لأمر شافهه به ونكل بآخر 1) قرية بجنوب دمشق
Page 87