318

Durar al-ʿuqūd al-farīda fī tarājim al-aʿyān al-mufīda

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

Genres

============================================================

و"الشاطبية"، والثلاثة الآخرون: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ويعقوب بن اسحاق، وخلف بن هشام بما اشتمل عليه كتاب "الإرشاد" لأبي العز محمد بن الخسين بن بندار القلانسي وكتاب "المستنير" لأبي طاهر أحمد ابن علي بن عبيدالله بن غمر بن سوآر، وكتاب "الميهج" لأبي محمد عبدالله بن علي بن أحمد الأستاذ سنط أبي منصور الخياط؛ وذلك في بضعة وثلاثين يوما، آخرها ليلة تاسع عشري شعبان سنة خمس وثمانين بجامع ابن طولون.

وسمع "العقيلة" في الرسم للشاطبي على شيخنا برهان الدين أبي اسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبدالواحد بن عبدالمؤمن الشامي الضرير بسماعه لها على الحافظ شمس الدين الذهبي بسماعه لها من زين الدين أبي علي الحسن بن عبدالكريم بن عبدالوهاب الغماري سبط زيادة، قال: حدثنا بها العلامة أبو عبدالله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي بسماعة من الناظم.

ثم تجرد ورحل إلى الحجاز، فجاور بمكة والمدينة مدة أعوام، وأقرا بالحرمين، فقرأ عليه خلق كثير، ومضى إلى بلاد اليمن، وترك الدنيا وزينتها، وأعرض عن زخرفها وزفرتها، وتخلى عن الخلق، وأقبل بقلبه وقالبه على الحق حتى توفي بمدينة تعز من بلاد اليمن في حادي عشري شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثماني مئة، ودفن من الفد.

وكان فردا في زمانه، ونادرة من نوادر أوانه، قد جمع بين العلم والعمل، ولم يلهه عما يعنيه ما آتاه الله من المال والخول(1)، بل خرج عن آهله وماله فريدا، وساح في الأرض مملقا وحيدا، يسكن عشة بوادي اليمن، ولا يبالي بما هو فيه من خشونة العيش وبؤس الزمن، ويتبلغ من الزاد باليسير بعدما ربى بغوطة دمشق بين آسرة وحرير، ونشأ في مساكن (1) أي: الأتباع والخدم.

Page 318