Durar al-ʿuqūd al-farīda fī tarājim al-aʿyān al-mufīda
درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة
Genres
============================================================
هذا ابن أستاذ الشلطان، فعانقه أحمد بن أويس ولم يمكنه من تقبيل يده، وجاء بعده الأمير بكلمش أمير سلاح فعانقه أيضا، ثم جاء الأمير الكبير أيتمش رأس نوبة فعانقه، ثم جاء الأمير سودن نائب السلطنة فعانقه، ثم جاء الأمير الكبير أتابك العساكر كمشبغا الحموي فعانقه، وانقضى سلام الأمراء، فقام السلطان عند ذلك ونزل عن المسطبة ومشى عشرين خطوة، وقد هرول أحمد بن أويس حتى التقيا، فأهوى أحمد ليقبل يد الشلطان فلم يوافق على ذلك، وعانقه وبكيا ساعة والأمراء تبكي لبكائهما، ثم مشيا والشلطان يطيب خاطره ويعده بعوده إلى ملكه، وقد أخذ يده بيده إلى أن صعدا المسطبة وجلسا معا على البساط من غير كرسي، وتحادثا طويلا، ثم أخضر قباء حرير بنفسجي اللون بفرزو قاقم(1) وطراز ذهب عريض فألبسه ابن أويس، وقدم له فرس من الخيل الخاص بقماش ذهب ما بين سرج وكنبوش وسلسلة، فركبه من حيث ركب السلطان، وركب السلطان بعده وسارا يتحادثان والأمراء والعساكز ميمنة وميسرة على مراتبها. وتقدم السلطان مرارا في المسير وصار يحجب أحمد بن أويس تأنيسا له وجبرا لخاطره حتى قربا من القلعة. وقد اجتمع من العالم ما لايدخل تحت حصر، وكان يوما مشهوذا، وعندما ترجلت العساكر على العادة بقي أحمد بن أويس مواكبا للسلطان حتى وصلا ما يحاذي الطبلخاناه من القلعة أومأ إليه السلطان بأن يتوجه إلى البيت الذي أعد له على بركة الفيل وقد جددت عمارته وزخرف وملىء بالفرش الملوكية والآلات اللائقة به، فسار إليه وفي خدمته جميع الأمراء وصعد السلطان إلى القلعة، فما دخل القان أحمد بن أويس منزله ومعه الأمراء مد الأمير جمال الدين محمود ابن علي أستادار السلطان بين يديه سماطا جليلا اعتنى به عناية تامة، فأكل وأكل معه الأمراء وشربوا الشكر المذاب، ثم انصرفوا، فبعث الشلطان إليه بمئتي ألف درهم فضة، عنها نحو عشرة آلاف دينار مصرية، وبمثة قطعة قماش سكندري وثلاثة أرؤس من الخيل بقماش ذهب (1) حيوان معروف بتركيا له فرو ثمين
Page 237