149

Durar al-ʿuqud al-faridat fi taragim al-aʿyan al-mufidat

درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة

Genres

============================================================

حافظا لكثير من متون الأحاديث، متحريا لاتباع الشنة، دأبه النظر في كتب الحديث، وتخريج الأحاديث، والعمل بها في أنواع القرب والطاعات، مع كثرة الاطلاع على أقاويل السلف والخلف من الفقهاء، عارفا بالحديث وطرقه وتوثيق رواته وجزحهم، كثير الميل إلى اتباع الحديث، منجمعا عن الناس لا يخالطهم في شيء من آمر دنياهم، شديد التحيس في العبادة، بعيدا عن الهزل ، دائم الخشوع إذا قام إلى الصلاة كأنما تعاين السلف الأول من حسن سميه وهذيه، لا يبرح في عبادة: إما تخريج أحاديث ليعمل بها، أو أداء ما أمر به من فرائض العبادات وتدب اليه من نوافلها.

خرج من الكتب السته وغيرها كتابا كبيرا في عدة مجلدات سماه "الأوامر والنواهي" يشتمل على ما ورد في القرآن الكريم، وما في هذه الكتب من الأحاديث الصحيحة التي لم ينست آحد من رواتها إلى شيء من الجرح بصيغة الأمر والنهي وما في معناهما. وخرج كتابا آخر ضمنه ما في ذلك ما قلنا، وفي رواته من نسب إلى شيء من الجزح؛ ثم اختصرهما بحذف الأسانيد فجاء شيئا عجبا في الخسن، على ترتيب أبواب الفقه، كتبته بخطي، وقرأته بأجمعه عليه، وهو ممسك أصله الذي بخطه في سنة ثلاث وتسعين وسبع مثة؛ واختصر كتاب لاتهذيب الكمال"، وكتب الكثير بخطه.

وكان يبالغ في تعظيم آبي محمد بن حزم ويعتني بكلامه. وكان يخمل نفسه من العبادة على ما لا يثبث له غيره، وذلك أله أخذ نفسه بالعمل بكل ما أمر الله تعالى به في كتابه أو على لسان نبيه ومما قد صح عنه، سواء كان ذلك مما قال الفقهاء فيه أنه يقتضي الوجوب أو التذب، وثبت على العمل به طول عمره طاعة لله ورسوله، وكذلك اجتنب كل ما نهى الله تعالى عنه في القرآن والشنة الصحيحة فقام لذلك من العبادة بما يجل وضفه، وانفرد بآشياء منها وجوب الصلاة على النبي في دعاء الاستفتاح، وأن يقول "لا إله إلا الله" في أذانه مرتين، ويقول 149

Page 149