ثم إن هذا الذي يحشر نفسه في زمرة علماء الدين، لا يحفظ كتاب الله، ولا يقيم على لسانه أو قلمه آية من القرآن الكريم، ولا يفقه شيئا من معاني ما يقرأ من كتاب الله، وهو بسنة رسول الله ﷺ أشد جهلا، وأسوأ فهمًا.. والكتاب -كما يقولون- يقرأ من عنوانه! وأنه ليستفتح رسالته تلك -وهو أشبه بعنوان الرسالة- بالتخريف في كتاب الله جهلا، وسوء أدب معا، حيث يستشهد بآية من كتاب الله، دون أن يكون حافظا لها، أو مسترشدا بمصحف قرآني لضبطها. فهو يقول في مفتتح هذه الرسالة: "الحمد لله الذي رضي الإسلام لنا دينا، وأكمله لنا، وأتم نعمته علينا، وأقامنا على سنة رسوله النقية السمحاء، حمدًا تستنير به القلوب وتستضيء منه البصائر، وأشهد أن لا إله إلا الله الهادي إلى الصراط المستقيم، القائل: من استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم". وقد وقع هذا الداعي المتعالم في هذه الكلمات القليلة في جملة أخطاء لا تكون من تلميذ مبتدئ من طلاب العلم، فضلا عن عالم، يتصدى في زعمه لهداية الناس، ويقف موقف المناظرة لمن يدعو إلى الله وهو على بينة من ربه! فأولا: هذا الخطأ اللغوي في قوله: "وأقامنا على سنة رسوله النقية السمحاء" والصواب أن يقال "السمحة" إذ ليس في اللغة السمحاء.. ولو كان على شيء من الاطلاع على سنة رسول الله ﷺ لما وقع في هذا الخطأ؛ إذ يقول الرسول ﷺ " تركتكم على الحنيفية السمحة، لا يزيغ عنها إلا هالك " ١.وثانيا: قوله في مفتتح رسالته: "الحمد لله الذي رضي الإسلام لنا دينا" ولو كان على صلة بكتاب الله لجرى على لسانه وقلمه ما جاء في القرآن الكريم: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِينًا﴾ ٢. فقال: الذي رضي لنا الإسلام دينا، بدلا من قوله ورضى الإسلام لنا دينا.