يحتسيهِ على الماءِ، فما لهذهِ الحياةِ وما لقصورِها ودُورِها، تُقبلُ بعد إدبارِ الرسولِ ﷺ، وتأتي بعد ذهابهِ ﷺ ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى﴾ .
إذنْ في الأمر شيءٌ، وفي المسألةِ سرٌّ، إنها تفاهةُ الدنيا فَحَسْبُ ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ﴾، «واللهِ ما الفقر أخشى عليكمْ» .
لمَّ دخل عُمر على رسولِ اللهِ ﷺ وهو في المشْرَبِة، ورآه على حصيرٍ أثَّر في جنبهِ، وما في بيتهِ إلا شعيرٌ معلّقٌ، دمعتْ عينا عُمَرَ.
إنَّ الموقف مؤثِّرٌ، أنْ يكون رسولُ الله ﷺ قدوةُ الناسِ وإمامُ الجميع، في هذهِ الحالةِ ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾ .
ثمَّ يقولُ له عُمَرُ ﵁: كسرى وقيصر فيما تعلمُ يا رسول اللهِ! قال رسولُ الله ﷺ: «أفي شكٍّ أنت يا بن الخطاب، أما ترضى أن تكون لنا الآخرةُ ولهم الدنيا» .
إنها معادلةٌ واضحةٌ، وقسمةٌ عادلةٌ، فلْيَرْضَ مَنْ يرضى، ولْيَسخطْ منْ يسخطُ، وليطلُبِ السعادة منْ أرادها في الدِّرهمِ والدينارِ والقصرِ والسيارةِ ويعملْ لها وحدها، فلنْ يجدها والذي لا إله إلا هو.
﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ ﴿١٥﴾ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ .
عفاءٌ على دنيا رَحَلْتُ لغيرِها ... فليس بها للصّالحين مُعَرَّجُ
1 / 350