Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Publisher
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Genres
ويدل اسمه "الرحيم" على أنه - تعالى - يرحم خلقه برحمته ويتجاوز عن سيئاتهم مهما بلغت صغرت أم كبرت إذا أتوا بأسباب التوبة وصدقت رغبتهم في طلبها.
وأما اسمه - تعالى - " الغفور" فمعناه هو الكثير المغفرة وأن المغفرة ستر الذنوب والتجاوز عنها، والعفو عن مغترفيها وصونهم من أن يمسهم العذاب بسببها وإلباسهم العفو عن خطيئاتهم، فالله ﷾ "غفور" أي كثير الستر لذنوب عباده المؤمنين عظيم التجاوز عنهم.
وقد دلت سورة - "الزُمَرْ" على إثبات صفتي الرحمة والمغفرة - للرب ﷻ في آيتين منها:
قال تعالى: ﴿أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ .
وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ .
فهاتان الآيتان من السورة تضمنتا إثبات صفتي الرحمة والمغفرة - للبارئ جل وعلا - وقد أمر الله نبيه في الآية الثانية من هاتين الآيتين أن يبلغ عباده المؤمنين أن لا ييأسوا من مغفرته فإنه - سبحانه - يغفر الذنوب جميعًا مهما أسرفوا على أنفسهم وأفرطوا ما عدا الإشراك بالله - سبحانه - فإنه لا يغفره إلا بالتوبة منه بالدخول في دين الله الحق فهو - سبحانه - ذو مغفرة عظيمة ورحمة واسعة للمقبلين عليه المنيبين إليه، والمنقادين له انقيادًا تامًا ظاهرًا وباطنًا عن طواعية ورضى.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ...﴾ الآية. اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية.
فقال بعضهم: عنى بها قوم من أهل الشرك قالوا: لما دعوا إلى الإيمان بالله كيف نؤمن، وقد أشركنا وقتلنا النفس التي حرم الله والله - يعد - فاعل ذلك النار فما ينفعنا مع ما قد سلف منا الإيمان فنزلت هذه الآية والذين قالوا: بهذا القول هم عبد الله بن عباس
1 / 119