268

Diraya

كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية

Genres

( لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى) . ثم ذكر منزلة الناس في الآخرة حين ضرب الله بالسور فيمز بين أهل الأقرار حيث قال : (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . ينادونهم ألم نكن معكم قالوا ؟ بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم).

وذلك لمن ضيع النور في الدنيا ( ينادون ألم نكن معكم ) ؟ أفلا نرى أن ظاهر السور فيه المنافقون ، وباطنه فيه المؤمنون ، ولو كان مع المنافقين أحد من المؤمنين كان أقرب من المؤمنين وأحد أن ينادى : ألم نكن معكم ؟ ليس فيه من المؤمنين أحد ينادي ويتكلم ، إنما ينادي المنافقون المؤمنين ، ولو عذب الله أحدا من المؤمنين لوصفهم عند تمييزه إياهم عند السور ، ولكن الله ميز بينهم وبين المنافقين .

فذكرك الله تثبت لعدو الله الاسم الذي حكم الله عليه اسم النفاق ، ولا يتولى المنافقين أحد . فإن الله قال : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم) .

وقال : (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) .

وقال : ( إن المنافقين هم الفاسقون) . (كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون) . وليس بين الوفاء بعهد الله ، وبين النقض منزلة ، ولا بين الكفر والإيمان منزلة ، ولا بين الثواب والعقاب ، وبين الجنة والنار منزلة ينزلها أحد من الخلائق .

فاخبر الله بولاية المؤمنين ، ومن يتولهم فقال :

Page 278