179

Dirasat Fi Madhahib Adabiyya Wa Ijtimaciyya

دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية

Genres

والحق أن خبر «المستشفى الأمريكي» جدير بعناية كل طبيب وكل مشتغل بالمسائل النفسية؛ لأنه على ما فيه من دواعي المزاح جد لا شك فيه.

وأحسب أن تجاربنا الصحفية في مصر تؤيد هذا الكشف الطريف الذي اهتدى إليه أطباء «القديسة اليصابات».

فإنني واحد من الصحفيين الذين طال اشتغالهم بالصحافة لا أذكر زميلا واحدا انتقل من مكاتب الصحف إلى مستشفى المجاذيب، وأذكر على نقيض ذلك رجلا كان في مستشفى المجاذيب فانتقل إلى مكاتب الصحافة وزاول فيها أعمالا كثيرة منها التحرير والإدارة والإشراف على المطبعة، فكان مثلا في الاجتهاد والتوفيق.

وأذكر من تجاربي في الصحافة ما يشهد بفراسة الأطباء الذين اختاروها لجذب المجانين إلى العمل النافع.

فإن فيها لجاذبا قويا لكثير من المجانين والمخبولين، وقلما مضى أسبوع في أيام عملي بالصحافة اليومية لم أتلق فيه خطابا من مجنون يعرض علي فيه بعض المقترحات أو يشير علي ببعض الموضوعات.

وأعجب ما تلقيت من ذلك ولا أزال أتلقاه أن أحدهم تصدى لإصلاح الكون كله، وأوحي إليه أنني مطالب بكتابة مقالات ثلاث أبشر فيها برسالته وإلا حلت علي لعنة الله وبطلت مهمة الإصلاح، وأنا المسئول!

قلت له: أأنت نبي؟

قال: أكثر من نبي، أنا ملهم الأنبياء.

قلت: ولكن إذا كانت رسالتك كلها تتوقف على مقالات ثلاث أكتبها فأنا أقوى منك وأجدر بالنبوة ، وأشهد أمامك إنني لست من الأنبياء ولا من الأولياء.

فلم يقنعه كلامي وما زاد على أن قال: إنما هي أسباب، إنما هي أسباب ...

Unknown page