Dirasat Falsafiyya Gharbiyya
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Genres
ويمتاز فيورباخ عن أقرانه بأنه أوقعهم صدى، وأبلغهم أثرا، وأكثرهم تحديا مثل اسبينوزا في القرن السابع عشر وفولتير في القرن الثامن عشر (وقد يصعب الحديث عن فيورباخ من فيورباخي، وعن الهيجليين الشبان من هيجلي شاب؛ فلذلك ميزة وعيب، ميزة الاتحاد مع الموضوع وفهمه من الداخل، وعيب استحالة التفرقة بين العرض والتحليل، بين فيورباخ الموضوع وفيورباخ الباحث في عصر يحتاج إلى فيورباخ). ومع ذلك فقد تناولت هذه الدراسة عرض «الاغتراب الديني عند فيورباخ» من خلال تحليل مؤلفه الأساسي «جوهر المسيحية»، فالأفكار كلها فيورباخ مسئول عنها وليس للباحث إلا التحليل والشرح والعرض والتأويل (كما فعل فلاسفة المسلمين مع فلاسفة اليونان بوجه عام وكما فعل ابن رشد مع أرسطو خاصة). ولم نشأ عقد مقدمة عن حياة فيورباخ وأعماله فذلك ما سيتم في دراسة مستقلة عن قريب.
2
واقتصرنا على عرض «جوهر المسيحية» للكشف عن الاغتراب الديني الذي هو أساس الاغتراب الاجتماعي. وأكرر وأقول: ليس الباحث مسئولا عن أفكار فيورباخ بل المسئولية تقع على عاتق فيورباخ وحده.
ظهرت الطبعة الأولى لكتاب فيورباخ «جوهر المسيحية» في 1841م والطبعة الثانية في 1843م. وأصبحت مقدمة كل طبعة من الذيوع والشهرة لدرجة أن كلا منهما تمثل عملا فلسفيا بمفرده.
3
وتعني كلمة
Wessen
بالألمانية ماهية أو جوهرا أو وجودا أو حقيقة. وتدل على هذه المعاني الأربع داخل الكتاب. وتترجم بألفاظ مختلفة. يبحث فيورباخ عن ماهية المسيحية أي أساسها وجوهرها وحقيقتها، وهو بذلك يكون سابقا على هوسرل في بحثه عن الماهية وجعل الفينومينولوجيا «علم الماهيات». ولا يبحث فيورباخ عن ماهية المسيحية وحدها بل يعمم أحكامه حتى تشمل الدين بوجه عام.
4 (2)
الكشف عن الاغتراب من خلال فلسفة الدين:
Unknown page