212

Dirāsāt ʿan Muqaddimat Ibn Khaldūn

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Genres

إن أهل المدن والأمصار معرضون لنوعين من العدوان: (أ)

العدوان الذي يحدث داخلها. (ب)

والعدوان الذي يأتي من خارجها. «إن عدوان أهل المدن بعضهم على بعض تدفعه الحكام والدولة، وأما العدوان الذي من خارج المدينة فيدفعه سياج الأسوار، وذياد الحامية، وأعوان الدولة» (ص127).

وأما أحياء البدو فإنهم أيضا معرضون لنوعين من العدوان ؛ داخلي وخارجي.

وهناك وسيلة خاصة لدفع كل واحد من هذين النوعين من العدوان على حدة. «أحياء البدو يزع بعضهم عن بعض مشائخهم وكبراؤهم، بما وقر في نفوس الكافة لهم من الوقار والتجلة.

وأما حللهم فيذود عنها حامية الحي، من أنجادهم وفتيانهم المعروفين بالشجاعة» (ص118). (2)

وعلاوة على ما تقدم يتكلم ابن خلدون - في فصل آخر - عن العدوان الذي يحدث بين أهل الأمصار وبين أحياء البدو أيضا.

إنه يقرر في عنوان الفصل «أن البوادي من القبائل والعصائب مغلوبون لأهل الأمصار»، ثم يشرح حاجة البدو إلى الأمصار، وحاجة الأمصار إلى البدو، ويبرهن على اضطرار البدو لإطاعة الأمصار والخضوع لها، ويشرح العوامل التي تحمل هؤلاء على الطاعة والخضوع: «إن كان في المصر ملك كان خضوعهم وغلبهم لغلب الملك، وإن لم يكن في المصر ملك، فلا بد فيه من نوع رئاسة، ونوع استبداد من بعض أهله على الباقين. وذلك الرئيس يحملهم على طاعته، والسعي في مصالحه، إما طوعا ببذل المال لهم، وإما كرها إن تمت قدرته على ذلك» (ص153). (3)

إن الفقرات التي ذكرناها آنفا عن الوازع في أحياء البدو وحللهم، تتضمن ملاحظة ثمينة جدا من وجهة النظريات العلمية؛ لأن علماء الاجتماع يقسمون «الحكم والسلطة» في الحياة الاجتماعية إلى نوعين أساسيين: (أ)

السلطة المنتثرة

Unknown page