Din
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Genres
شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه (سورة الشورى ، الآية: 13)، ثم نراه بعد أن يسرد سيرة الأنبياء وأتباعهم ينظمهم في سلك واحد، ويجعل منهم جميعا أمة واحدة لها إله واحد كما لها شريعة واحدة:
إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون (سورة الأنبياء: 92).
ما هذا الدين المشترك الذي اسمه الإسلام، والذي هو دين كل الأنبياء والمرسلين؟ إن الذي يقرأ يعرف كنه هذا الدين، إنه هو التوجه إلى الله رب العالمين في خضوع خالص لا يشوبه شرك، وفي إيمان واثق مطمئن بكل ما جاء من عنده على أي لسان وفي أي زمان أو مكان، دون تمرد على حكمه، ودون تمييز شخصي أو طائفي أو عنصري بين كتاب وكتاب من كتبه، أو بين رسول ورسول من رسله، هكذا يقول القرآن:
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين (سورة البينة، الآية: 5)، ويقول:
قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (سورة البقرة: 136).
نقول إذن: إن الإسلام بمعناه القرآني الذي وصفناه لا يصلح أن يكون محلا للسؤال عن علاقة بينه وبين سائر الأديان السماوية؛ إذ لا يسأل عن العلاقة بين الشيء ونفسه، فها هنا وحدة لا انقسام فيها ولا اثنينية.
غير أن كلمة «الإسلام» قد أصبح لها في عرف الناس مدلول معين، هو مجموعة الشرائع والتعاليم التي جاء بها محمد
صلى الله عليه وسلم
أو التي استنبطت مما جاء به، كما أن كلمة اليهودية أو الموسوية تخص شريعة موسى وما اشتق منها، وكلمة النصرانية أو المسيحية تخص شريعة عيسى وما تفرع منها.
فالسؤال الآن إنما هو عن الإسلام بمعناه العرفي الجديد، أعني: عن العلاقة بين المحمدية وبين الموسوية والمسيحية.
Unknown page