Din Wa Wahy Wa Islam
الدين والوحي والإسلام
Genres
وأما الموضوع الثالث فقد عرضنا في قسمه الأول للنظريات المختلفة في العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي لكلمة «إسلام»، وبسطنا في قسمه الثاني رأينا في هذا الموضوع.
مصطفى عبد الرازق
21 ذو القعدة سنة 1364ه / 27 أكتوبر سنة 1945م
الدين
تمهيد في العلاقة بين العلم والدين
يقرر العلامة الفرنسي إميل بوترو
Emile Boutroux «أن أمر العلاقات بين الدين والعلم - حين يراقب في ثنايا التاريخ - يثير أشد العجب؛ فإنه على الرغم من تصالح الدين والعلم مرة بعد مرة، وعلى الرغم من جهود أعاظم المفكرين التي بذلوها ملحين في حل هذا المشكل حلا عقليا - لم يبرح العلم والدين قائمين على قدم الكفاح، ولم ينقطع بينهما صراع يريد به كل منهما أن يدمر صاحبه لا أن يغلبه فحسب؛ على أن هذين النظامين لا يزالان قائمين. ولم يكن مجديا أن تحاول العقائد الدينية تسخير العلم؛ فقد تحرر العلم من هذا الرق، وكأنما انعكست الآية منذ ذاك، وأخذ العلم ينذر بفناء الأديان، ولكن الأديان ظلت راسخة وشهد بما فيها من قوة الحياة عنف الصراع.»
1
ولسنا نريد أن نعرض لتاريخ العلاقات بين الدين والعلم على مر العصور، وما تناوبها من سلام وحرب؛ فإن ذلك بحث يطول، وليس هو مما قصدنا إليه في هذا الكتاب، على أنه قد يكون غير خلو من المناسبة لغرضنا أن نذكر ما كتبه إميل بوترو عن موقف العلم والدين في أيامنا هذه؛ إذ يقول:
ليس التصادم الآن فيما يظهر بين الدين والعلم باعتبارهما مذهبين، بل التصادم أدنى أن يكون بين الروح العلمي والروح الديني، فليس يعني العالم أن يكون ما جاء في الدين من عقائد متفقا مع نتائج العلم؛ لأن الأساس الذي يعتمد عليه الدين فيما يجيء به يختلف عن الأساس الذي يعتمد عليه العلم؛ فالدين يقدم مسائله على أنها عقائد يجب الإيمان بها؛ أي يجب أن يتقيد بها العقل والوجدان، ويعرضها في صورة تدل على اتصال الإنسان بنوع من الأشياء يعجز علمنا الطبيعي عن إدراكه، وفي ذلك ما يجعل العالم - إن لم يرفض هذه المسائل نفسها - يرفض الأسلوب الذي يسلكه المتدين في الأخذ بها ، والمتدين من ناحيته إذا وجد جميع عقائده وعواطفه وأحكامه العملية مفسرة - بل مثبتة - بالعلم يكون حينئذ أبعد شيء عن مسألة العلم؛ فإن هذه الشئون إذا شرحت على هذا الوجه فقدت كل خواصها الدينية.
Unknown page