الأمر الأول:
منزلة أهل المال في الهيئة الاجتماعية، فإنكم تعلمون أيها السادة أننا مصدر ثروة البلاد وحياتها، فبتدبيرنا وسعينا ننشئ المتاجر الواسعة والمصانع العظيمة والمزارع الخصيبة، وندر على الأمة بها أخلاف الثروة، ولو شئنا أن نحبس أموالنا ونقفل صناديقنا ونبطل سعينا لماتت الأمة في سنة واحدة، والحكومة التي قراطيسها المالية في أيدينا تعرف ذلك حق المعرفة، وإن قيل لكم: إن العملة وأهل العلم سبب هذه الثروة فأجيبوهم: لماذا إذا لا يستغنون عنا ويتصرفون بهذه الثروة كما يشاءون دون حاجة إلينا إذا كانوا صادقين، ولكنهم غير صادقين لأنهم يبالغون في نسبة الفضل إليهم، فإنهم بينما يكون الواحد منهم غائصا في أحلامه وأوهامه يكون فكر الواحد منا حائما حول متاجر الأرض ومصانعها يفتش عن ثروة جديدة لبلاده، بينما يكون أحدهم منهمكا بكتابة مقالة على مائدته (حبر على ورق) أو نظم شعر في غرقته (هباء في الهواء) فإن أحدنا يسمع الأمة موسيقى أجمل من موسيقى الشعر ويريها جمالا أبهى من جمال الأدب، أعني به جمال الذهب الذي ينساب من صناديقنا قناطير قناطير وينشر الراحة والسعة والخيرات في طبقات الأمة كلها، فإذا كنتم أيها السادة في غنى عن هذه القوة التي لا تعادلها في الوجود قوة فأخبرونا ذلك ولا تخجلوا منا.
الأمر الثاني:
حفظ مركز الأمة الصناعي والتجاري والزراعي، فإنكم تعلمون أن المزاحمات الصناعية والتجارية قائمة في الدنيا على ساق وقدم، والنصر النصر في هذه المزاحمات لمن يصنع المصنوعات والبضائع بأرخص الأثمان، فإذا حكمتم علينا بزيادة أجور العمال وتقليل مدة العمل أو إشراكهم فيه كنتم كأنكم تحكمون بإقفال معاملنا ومتاجرنا لأننا بعد ذلك لا نستطيع مزاحمة المعامل الأجنبية.
الأمر الثالث:
حفظ شرائعنا المقدسة حفظا مطلقا، فإن حق الملكية حق مقدس لا يجوز للحكومة مسه، ونحن بموجب هذه الشرائع مطلقو التصرف في أملاكنا ومزارعنا ومتاجرنا، فإذا رامت الحكومة الضغط على حرية الملك نقضت الشريعة والنظام نقضا يخشى منه بعد ذلك على أساس هيئتنا الاجتماعية.
الأمر الرابع:
إيقاف تيار الاشتراكية عند حده، فإن هذه الآفة الكبرى قد عظم خطبها وجل أمرها، ولذلك طريقتان بسيطتان: (الأولى) امتناع الحكومة عن المداخلة بين العمال وأصحاب الأعمال لأن ذلك ليس من وظيفتها، (والثانية) إبطال الحكومة جمعيات العملة، أي عدم معرفتها إياها رسميا ومنع مداخلتها بين العمال وأصحاب الأموال، فإن الشر كل الشر وارد من هذه الجمعيات التي تحرض العملة وتغرر بهم بوعود باطلة، وهنا مهد الاشتراكية، إذ متى فرقت الحكومة هذه الجمعيات استؤصلت جرثومة الاشتراكية لسقوط نيرها عن أعناق العمال المساكين وصار أرباب الأعمال يحلون مشاكلهم معهم بكل لطف وسلام. (فقهقه هنا بعض في صفوف العمال وصاح أحدهم: هذا وعد الهرة للفأر أن لا تأكله)
فقال زعيم أهل المال من غير أن يجاوبه:
والأمر الخامس:
Unknown page