جنة خلد راضية
أما ترى أبوابها
قد جعلت ثمانية
وكانت متاجر المدينة وأسواقها داخل السور، والبناء في ربضها يكثر ويقل تبعا للأمن وقوة السلطان، فقد كانت في القرن السادس أحياء العقيبة والشاغور والمزاز وقبر عاتكة والشويكة والقنوات وسويقة صاروجا «سوق ساروجا» والعنابة من الأحياء الخارجة عن السور، ثم اتصلت بالمدينة كما اتصل ميدان الحصا بها، وكان الميدان قرية في الجنوب تربطها بالمدينة تلك الجادة العظمى من باب الجابية إلى باب مصر أو بوابة الله.
وكان الشرف الأعلى والأدنى في غربي المدينة عامرين بقصور الأغنياء ورجال الدولة، وفيها المدارس الحسان والمساجد والأسواق إلى القرن التاسع، فسطا عليها الخراب، وكذلك كان شأن محلة العنابة، فإنها خربت حوالي ذلك العصر، وعمرت الصالحية في سفح قاسيون من الشمال في القرن الخامس والسادس حتى أصبحت بمدارسها وجوامعها وأسواقها وخاناتها مدينة برأسها، ثم تحيفها الخراب في العصور التالية، ونهضت قليلا في العصر الحديث، فالعمران كان يمتد إلى الجنوب وإلى الشمال وإلى الغرب، وربما حال دون امتداده إلى الشرق وجود محلتي النصارى واليهود في ذاك السمت.
وجاء زمن والعمران متصل بدمشق من الغرب إلى الربوة، وكانت هذه عامرة أشبه ببلدة صغيرة فيها مدارس وجوامع وأسواق ومقاصف وحمامات، وفيها قصور الأغنياء، وإلى جنبها قصر الفقراء الذي بناه نور الدين محمود بن زنكي ليصطافوا فيه كما يصطاف السراة، ووقف عليه قرية داريا من أعظم قرى الغوطة، وفي ذلك يقول الوداعي:
إن نور الدين لما أن رأى
في البساتين قصور الأغنياء
عمر الربوة قصرا شاهقا
نزهة مطلقة للفقراء
Unknown page