213

Al-aḥādīth al-mushkila al-wārida fī tafsīr al-Qurʾān al-karīm

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٠ هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

قال الشوكاني: "وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على أنَّ رؤية الشياطين غير ممكنة، وليس في الآية ما يدل على ذلك، وغاية ما فيها: أنه يرانا من حيث لا نراه، وليس فيها أنا لا نراه أبدًا؛ فإنَّ انتفاء الرؤية منا له في وقت رؤيته لنا لا يستلزم انتفاءها مطلقًا". اهـ (١)
واعترض: بأنَّ في حديث أبي هريرة رؤية الاثنين، بعضهم لبعض، في آنٍ واحد، وليس فيه ما ذُكِرَ من التفصيل.
القول الثالث: أنَّ رؤيتهم على طبيعتهم وصورهم الأصلية التي خُلِقوا عليها ممتنعة؛ لظاهر الآية، لكن إذا تشكلوا في غير صورهم أمكن رؤيتهم، وعليه تُحمل الأحاديث والآثار الواردة في المسألة.
ذكر هذا القول: القاضي عياض (٢).
وهو اختيار: الحافظ ابن حجر (٣)، والعيني (٤).
واعترض عليه النووي قائلًا: "هذه دعوى مجردة؛ فإن لم يصح لها مستند؛ فهي مردودة". (٥)
القول الرابع: أنَّ رؤيتهم على صورهم التي خُلِقوا عليها هو مما اختص به الأنبياء ﵈ وهو من معجزاتهم، وعليه تحمل الآية، وأما سائر الناس فلا يمكنهم رؤيتهم إلا إذا تشكلوا في غير صورهم التي خُلقوا عليها.
وهذا رأي: ابن بطال، والنحاس (٦)، وابن عاشور (٧).
قال ابن بطال: "رؤيته ﷺ للعفريت هو مما خُص به، كما خُص برؤية الملائكة، وقد أخبر ﷺ أنَّ جبريل ﵇ له ستمائة جناح (٨)، ورأى النبي ﷺ الشيطان في هذه الليلة، وأقدره الله عليه لتجسُّمِه؛ لأن الأجسام ممكن القدرة

(١) فتح القدير، للشوكاني (٢/ ٢٨٨).
(٢) إكمال المعلم (٢/ ٤٧٣).
(٣) فتح الباري (٤/ ٥٧١).
(٤) عمدة القاري (١٢/ ١٤٨).
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي (٥/ ٤٠).
(٦) نقله عنه القرطبي في تفسيره (٧/ ١٢٠).
(٧) التحرير والتنوير (٩/ ٧٩ - ٨٠).
(٨) عن ابن مسعود ﵁: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ". أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب بدء الخلق، حديث (٣٢٣٢)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٧٤).

1 / 220