199

Dibaj Wadi

الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي

Genres

Rhetoric

(اليوم تواقفنا(1) على سبيل الحق والباطل): يريد بعضنا على الحق وبعضنا على الباطل موقعه، وهذا من أنواع البديع يسمى اللف والنشر، وحقيقته آيلة إلى أن المتكلم يجمع بين كلمتين بالواو، وهذا هو اللف، ثم يلحق بكل واحد منهما ما يناسبه من الحكم ويلائمه وهذا هو النشر، وهذا كقوله ها هنا: تواقفنا على الحق والباطل، فهذا اللف، ثم نشره بأن المعنى فيه فنحن على الحق، وأنتم علىالباطل، ونظيره من كتاب الله تعالى قوله: {وهو الذي جعل الليل والنهار}[الفرقان:62] فهذا اللف، ثم قال بعد ذلك: {لتسكنوا فيه}[يونس:67] يعني الليل، {والنهار مبصرا}[يونس:67] فهذا نشر.

(من وثق بماء لم يظمأ): أي من(2) وثق بماء العلم لم يظمأ بعطش الجهل، ومراده من هذا هو أن من كان على بصيرة من أمره، وانشراح صدر في دينه، فهو ساكن القلب مطمئن النفس، ومن كان على غيربصيرة فهو قلق الأحشاء، مضطرب الفؤاد، كمن يكون في مفازة، ومعه ما يكفيه من الماء، فإن تحققه للماء يرفع عطشه، ويسكن التهابه، ومن ليس معه ماء في تلك المفازة فإن استشعاره لعدم الماء يذيب فؤاده، ويلهب أحشاءه، ثم إن هذه الخطبة مع صغرها، وتقارب أطواقها قد اشتملت على الحكم القصيرة، والمعاني البديعة، وإن أنهار البديع لتطرد على صفحاتها، وأنوار الحسن تجول على جنباتها.

Page 204