155

dayl al-amali

ذيل الأمالي

Publisher

دار الكتب العلمية

Publication Year

1398هـ 1978م

Publisher Location

بيروت

من جملة أبيات ولما تزوج حاتم ماوية وكانت من أحسن النساء لبثت عنده زمانا ثم ان ابن عم كاتم يقال له مالك قال لماوية ما تصنعين بحاتم فوالله لئن وجد ليتلفن ولئن لم يجد ليتكلفن ولئن مات ليتركن ولدك عيالا على قومه فقالت صدقت إنه لكذلك وكانت النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلة وكان طلاقهن أنهن يحولن أبواب بيوتهن إن كان الباب إلى المشرق جعلنه إلى المغرب وإن كان الباب قبل اليمن جعلنه قبل الشأم فإذا رأى الرجل ذلك عرف أن امرأته طلقته وقال ابن عمه لها فأنا أنصحك وأنا خير لك منه وأكثر مالا وأنا أمسك عليك وعلى ولدك فلم يزل بها حتى طلقت حاتما فأتاها وقد حولت الخباء فقال لإبنه ما ترى أمك ما عدا عليها فقال لا أدري فهبط به بطن واد وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون فتوافى خمسون رجلا فضاقت بهم ماوية ذرعا فقالت لجاريتها اذهبي إلى مالك فقولي أن أضيافا لحاتم نزلوا بنا وهم خمسون رجلا فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم وبوطب لبن نسقيهم وقالت لجاريتها انظري إلى جبينه وفمه فإن سابقك بالمعروف فاقبلي منه وإن ضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه فارجعي ودعيه فلما أتته وجدته متوسدا وطبا من لبن فأيقظته وأبلغته الرسالة وقالت إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكانه فضرب بلحييه على زوره وأدخل يده في رأسه وقال لها اقرئي عليها السلام وقولي لها هذا الذي نهيتك عنه وأمرتك أن تطلقي حاتما من أجله فما عندي من كبيرة قد تركت العمل وما كنت لأنحر صغيرة لشحم كلاها وما عندي من لبن يكفي أضياف حاتم فرجعت الجارية وأعلمتها بمقالته فقالت لها ويلك ائتي حاتما فقولي له أن أضيافك نزلوا بنا الليلة فأرسل إلينا بناب ننحرها لهم ولبن نسقيهم فقال حاتم نعم وأبى وأنياب وقام إلى الإبل فأطلق عقلها وصاح بها حتى أتى الخباء وضرب عراقيبها فطفقت ماوية تصيح هذا الذي طلقتك فيه تترك ولدك ليس لهم شيء وأن حاتما دعته نفسه إلى بنت عفرز فأتاها يخطبها فوجد عندها النابغة ورجلا من النبيت يخطبانها فقالت لهم انقلبوا إلى رحالكم وليقل كل رجل منكم شعرا يذكر فيه فعاله وخصائله فإني أتزوج أشعركم وأكرمكم فانصرفوا ونحر كل واحد منهم جزورا ولبست بنت عفزر ثيابا لأمة لها وأتتهم فاستطعمت كل رجل منهم فأتت النبيتي فأطعمها ثيل جمله فأخذته ثم أتت النابغة فأطعمها ذنب جمله فأخذته ثم أتت حاتما وقد نصب قدوره وهي على النار فأستطعمته فأطعمها قطعة من السنام وغير ذلك وأطعمها عظاما من العجز قد نضجت فأهدى إليها كل رجل منهم ظهر جمله وأهدى إليها حاتم مثل ما أهدى إلى جاراته فصبحوها فاستنشدتهم فأنشدها النبيتي فصيدته التي يقول فيها

( هلا سألت هداك الله ما حسبي

عند الشتاء إذا ما هبت الريح )

فقالت لقد ذكرت جهدا واستنشدت النابغة فأنشدها

( هلا سألت هداك الله ما حسبي

إذا الدخان تغشى الأشمط البرما )

ثم اسنتشدت حاتما فأنشدها

( أماوي قد طال التجنب والهجر )

فلما فرغ حاتم من إنشاده دعت بالغداء وقد كانت أمرت جواريها أن يقدمن إلى كل رجل ما أطعمها فقدمن إليهم ثيل الجمل وذنبه فنكس النبيتي والنابغة رؤسهما وأن حاتما لما نظر إلى ذلك رمى بالذي قدم إليهما وأطعمهما مما قدم إليه فتسلللا لواذا فقالت أن حاتما أكرمكم وأشعركم فلما خرجا قالت لحاتم خل سبيل امرأتك فأبى فردته وردتهم فلما انصرف دعته نفسه إليها وماتت امرأته فخطبها فتزوجته فولدت له عديا وكانت من بنات ملوك اليمن ويقال أن عديا وعبد الله وسفانة بني حاتم من امرأته النوار والله سبحانه وتعالى أعلم وقالت طيء أن رجلا يعرف بأبي خيبري قدم في رفقة له ونزل بقبر حاتم وبات يناديه أبا عدي اقر أضيافك فلما كان وقت السحر وثب أبو خيبرى يصيح وأراحلتاه فقالت أصحابه ما شأنك قال خرج حاتم والله بالسيف حتى عقر ناقتي وأنا أنظر إليه فنظروا فإذا هي لا تنبعث فقالوا والله قد قراك فنحروها وظلوا يأكلون من لحمها ثم أردفوه وانطلقوا فبيناهم كذلك في سيرهم طلع عليهم عدي بن حاتم و معه جمل أسود قد قرنه ببعيره فقال أن حاتما جاءني في النوم فذكر لي شتمك إياه وأنه قراك وأصحابك راحلتك وأمرني أن أدفع لك هذا البعير وقد قال أبياتا في ذلك ورددها علي حتى حفظتها

Page 157