103

Dharica Fi Makarim Sharica

الذريعة إلى مكارم الشريعة

Investigator

د. أبو اليزيد أبو زيد العجمي

في الإيمان: اختلف في الإيمان: هل هو الاعتقاد المجرد أم الاعتقاد والعمل معًا، واختلافهم بحسب اختلاف نظرهم، فمن قال: هو الاعتقاد المجرد فنظر منه إلى اشتقاق اللفظ وإلى أنه قد فصل بينهما في عامة القرآن، فعطف العمل عليه كقوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) ولأن النبي ﷺ فرق بينهما في خبر جبريل حين سأله عن الإسلام وعن الإيمان، ففسر الأول بالأعمال والثاني بالاعتقاد. ومن قال: هو الاعتقاد والعمل فلقوله ﷺ: " الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار با لسان، وعمل بالأركان ". وكذلك اختلفوا هل يكون في الإيمان زيادة ونقصان، فقال قوم: يكون ذلك فيه لقوله تعالى.: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ) وقوله: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا) وقوله: (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) . ومن خالفهم قال: الشيء إنما يزيد بغلبته على ضده، وينقص بغلبة ضده عليه، قالوا: والإيمان لا يحصل إلا بعد أن يكون غالبًا على الكفر فلا يضامه حتى يقال: إنه غلب عليه. ولذلك اختلفوا في جواز إطلاق اسم الإيمان على من أقر بالشهادتين، فقال بعضهم: يجوز ذلك نظرًا منه إلى قوله ﷺ في الجارية التي سألها عن الله فأشارت نحو السماء، وعن النبوة فأشارت إليه ﷺ، فقال: " اعتقها فإنها مؤمنة "، ولأن الإيمان ليس بذي منزلة واحدة، ومن قال: لا يجوز فنظر منه إلى قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) ولما روي عنه ﷺ أنه قال: " من قال: أنا مؤمن، فهو فاسق، ومن قال: أنا عالم، فهو جاهل " فإن قيل:

1 / 162