274

Al-Dhakhīra fī maḥāsin ahl al-Jazīra

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Editor

إحسان عباس

Publisher

الدار العربية للكتاب

Publisher Location

ليبيا - تونس

فصاح فتيان الجن عند هذا البيت الأخير: زاه! وعلت أنف الناقة كآبة، وظهرت عليه مهابة، واختلط كلامه، وبدا منه ساعتئذ بوادٍ في خطابه، رحمه لها من حضر، وأشفق عليه من أجلها من نظر. وشمر لي فتى كان إلى جانبه عن ساعدٍ، وقال لي: وهل يضر قريحتك أو ينقص من بديهتك أو تجافت لأنف الناقة وصبرت له - فإنه على علاته زير علم وزنبيل فهم وكنف رواية. فقلت لزهير: من هذا - فقال: هو أبو الآداب صاحب أبي إسحاق بن حمام جارك. فقلت: يا أبا الآداب، وزهرة ريحانة الكتاب، رفقًا على أخيك بغرب لسانك، وهل كان يضر أنف الناقة، أو ينقص من علمه، أو يفل شفرة فهمه، ان يصبر لي على زلة تمر به في شعر أو خطبة، فلا يهتف بها بين تلاميذه، ويجعلها طرمذة من طراميذه - فقال: إن الشيوخ قد تهفو أحلامهم في الندرة. فقلت: إنها المرة بعد المرة. ثم قال لي الأستاذان عتبة بن أرقم وأبو هبيرة صاحب عبد الحميد: إنا لنخبط منك ببيداء حيرة، وتفتق أسماعنا منك بعبرة، وما ندري أنقول: شاعر أم خطيب - فقلت: الإنصاف أولى، والصدع بالحق أحجى، ولابد من قضاء. فقالا: اذهب فإنك شاعر خطيب. وانفض الجمع والأبصار إليّ ناظرة، والأعناق نحوي مائلة.
قال ابن بسام: وامتد بأبي عامر الكلام في هذا الباب، ومد فيه أطناب الإطناب والإسهاب، فلذلك وقفت دون الغاية، وقطعت قبل النهاية.

1 / 278