وأغربها ماتة، وألطفها وصلة، أن أخي موسى انتزعه المنصور من أبيه، وأحله محل بنيه، فاجتمعت الأفواه على الثدي، والتقت الشفاه على الدر المري؛ وقبضه الله إليه وقد رتع في مراتعكم، وجثم في مضاجعكم، فنحن عمار مقاصركم أحياء، وقطان مقابركم أمواتًا، جمعنا بذلك عشرة العاجلة والآجلة، وحصلنا على صحبة الدنيا والآخرة.
هذه - أيده الله - لمعة أبديتها له من وصائلي، وغرة أطلعتها إليه من وسائلي.
وفي فصل:
ومملوكك عاكف على الوطن، فكوع الراهب على الوثن، ولم يبق من النعمة غير مصاصة بلةٍ قد آن لها أن ترتشف، وتفاهة ثمرة حان لها أن تخترف؛ وعرج لمآله، والنظر لعاقبة حاله، على استخراج ما يمكن من أصول نعمتكم، ليصون بها جمة وجنته، ويفر عليها نطفة صفحته، إذ لا سبيل إلى التعريج على غير ذلك قطعًا، ولا إلى الالتباس بسواه حتمًا، ولو لحس التراب، وذاب في الثياب، فإنه يتنفس عن نفس همتها الكوكب، وهمها الغيب؛ فلولا همتها لأظلم الدهر، ولولا همها لأسفر الأمر، وهذا موضع الحدس لا امتراء، وخليفة النفس لا ادعاء. ووعد الوزير عباس بصرف ضيعة لي بجهة تدمير، حالت الفتن دونها، واضطراب الأحوال عن