178

Al-Dhakhīra fī maḥāsin ahl al-Jazīra

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Investigator

إحسان عباس

Publisher

الدار العربية للكتاب

Publisher Location

ليبيا - تونس

معاقدته إلى أن مضى بسبيله، والثغر مسدود لا ثغرة فيه ولا وهي في حاله. وبلغ من استمالة الحاجب منذر لهذين الطاغيتين أن أجريا تصاهرهما على يديه، وكتب عقد النكاح بينهما بحضرة سرقسطة في حفل من أهل الملتين، فقرفت الألسنة منذرًا لسعيه في نظم سلك الطاغيتين لما فيه من سوء العاقبة. وقد قيل إن رأي منذر كان في ذلك أحصف، من رأي من قدح فيه وقرف، لنظره في شأن وقته، وعلمه بانصداع عصا أهل كلمته؛ فآثر من الموادعة ما ستر به العورة، وشراه بغليظ الكلفة، واختدع به عظيمي الجلالقة ريمند وشانجه المحدثين أنفسهما يومئذ بمناهضة أهل الأندلس، فألهاهما عن الحرب وحبب إليهما الدعة. وأعقب الحاجب منذر أهل الثغر في مغبة ذلك عاجل السلامة، واستظهروا به على العمارة، فحيوا وعاشوا في نعمة ضافية، وعيشة راضية، لم يتغير به عنهما حال، إلى أن ألوت بمنذر المنية، وقد اعترف الناس لرأيه، وأقروا بسياسته، ولم يأت بعده من يسد مسده، ولم ينفع الله الطاغيتين بصهرهما الذي كانا عقداه للتآلف على المسلمين، إذ أعجل عنه شانجه بن غرسية شيطانهم الرجيم، وهوى أميرهم ريمند ظهير المذكور، وابنه بعده؛ فشتت الله شمل تلك الطواغيت يومئذ وكفى المسلمين شرهم برحمته. واشتمل منذر على قواد تلك الثغور، واستوسقت له هنالك الأمور

1 / 182