al-Dhakhīra
الذخيرة
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا﴾ ﴿مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى﴾ ﴿أُولَئِكَ كتب فِي قُلُوبهم الْإِيمَان﴾ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قلب﴾ ﴿وَختم الله على قُلُوبهم﴾ وَلَمْ يَصِفِ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالدِّمَاغِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّهَا الْقَلْبُ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَازِرِيُّ أَكْثَرُ الْمُتَشَرِّعِينَ وَأَقَلُّ أَهْلِ الْفَلْسَفَةِ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْقَلْبِ وَأَقَلُّ الْمُتَشَرِّعِينَ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى أَنَّهَا فِي الدِّمَاغِ. الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي دَلِيلِ وُجُوبِهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين﴾ لأي يُخْلِصُونَهُ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ فَوَجَبَ أَلَّا يُبَرِّئَ الذِّمَّةَ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَقَوْلُهُ ﵇ فِي مُسْلِمٍ
(إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)
. وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّيَّاتِ فَإِنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ مَحْذُوفٌ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قُرِّرَ بِهِ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَا لَا نِيَّةَ فِيهِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ سَائِرَ الْأَعْمَالِ لِعُمُومِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ. وَأَمَّا آخِرُ الْحَدِيثِ فَمُشْكِلٌ لِأَجْلِ أَنَّ الشَّرْطَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَشْرُوطِ وَهُنَا اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ لِأَنَّه إِعَادَةُ اللَّفْظ بِعَيْنِه.
1 / 241