al-Dhakhīra
الذخيرة
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
صَوْنُ الْأَنْسَابِ وَحِكْمَةَ جَعْلِ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي السَّفَرِ سَبَبَ الْقَصْرِ الْمَشَقَّةُ وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا مَعَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى مَنْعِ تَرْتِيبِ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ بِدُونِهَا وَإِنْ وُجِدَتِ الْحِكَمُ فَكَذَلِكَ هُنَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى اللَّمْسَ سَبَبًا لِلْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى اللَّذَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ اتِّبَاعُ اللَّذَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي التَّذَكُّرِ وَالْإِنْعَاظِ أَولا يُرَاعَى ذَلِكَ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى لَا يُوجِبَ الْوُضُوءَ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَإِنْ رَقَّ أَوْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الرُّتْبَتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. تَمْهِيدٌ يَظْهَرُ مِنْهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ ﵀ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَطَفَ الْمُلَامَسَةَ عَلَى الْمَجِيءِ مِنَ الْغَائِطِ وَالَّذِي يُفْعَلُ فِي الْغَائِطِ لَا يُوجِبُ غَسْلًا فَتُحْمَلُ عَلَى مَا لَا يُوجِبُ غَسْلًا تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ﴿وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا﴾ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُلَامَسَةِ الْجِمَاعَ لَزِمَ التَّكْرَارُ وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ إِنَّ اللَّمْسَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ يُقَالُ لَمَسَهُ يَلْمِسُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي الْمُضَارِعِ وَبِكَسْرِهَا. وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلِأَنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ قَالُوا اللَّمْسُ الطَّلَبُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ﵇
(الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ)
وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْجَانِّ ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا﴾ أَي طلبناها. وَلَمَّا كَانَتِ النِّسَاءُ تُلْمَسُ طَلَبًا لِلَّذَّةِ قَالَ الله تَعَالَى ﴿أَو لامستم النِّسَاء﴾ وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ فَيَكُونُ هَذَا نَصًّا عَلَى إِبْطَالِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَعَلَى اشْتِرَاطِ اللَّذَّةِ وَالطَّلَبِ. الْمَظِنَّةُ الثَّالِثَةُ النَّوْمُ وَلَيْسَ حَدَثًا فِي نَفْسِهِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلًا إِنَّهُ حَدَثٌ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَهُوَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةَ
1 / 229