ما مِنْ صديقٍ وإنْ تمَّتْ صَداقتُهُ ... يوْمًا بأبجَحَ في الحاجاتِ مِن طَبَقِ
إذا تقنَّعَ بالمِنْديلِ مُنْطلِقًا ... لمْ يَخْشَ نَبْوةَ بَوّابٍ ولا غَلَقِ
لا تُكْذَبَنَّ فإنَّ الناسَ مُذْ خُلِقُوا ... لِرَغْبةٍ يُكْرِمُون الناسَ أو فَرَقِ
نبوة: جفوة، وفرق: خوف وقال رؤبة بن العجاج:
لمّا رأيتُ الشُّفَعاَء بَلَّدُوا ... وسألوا أميرَهم فأنْكَدُوا
نامَسْتُهُمْ بِرُشْوةٍ فأقْرَدُوا ... وسَهَّلَ اللهُ بها ما شَدَّدوا
بلّدوا: يقال: بَلدَ الرجلُ: إذا لم يتَّجه لشيء، وبلَّد: إذا نكس في العملِ وضَعُفَ حتّى في الجري. وقوله: فأنكدوا: أي وجدوه عَسِرًا مقلِّلًا إذ لم يجدوا عنده إلا نزرًا قليلًا، وقوله: نامستُهُمْ برُشوة: يقول: أفهمتهم أن يلجؤوا إلى رشوة الأمير ويحتالوا بذلك، قال في اللسان: نامس الرجل صاحبَه: سارَّه، ومنه الناموس، وهو صاحب سرِّ الرجل - ويقال له اليوم السكرتير الخاص - وقوله: فأقردوا: أي خَضعوا، وفي الحديث: (إيّاكم والإقرادَ، قالوا: يا رسول الله، وما الإقراد؟ قال: الرجل يكون منكم أميرًا أو عاملًا فيأتيه المسكينُ والأرملةُ فيقول لهم: مكانَكم، ويأتيه الشريف والغني فيُدْنيه ويقول: عجّلوا قضاءَ حاجته ويُترك الآخرون مُقردين) أي ساكتين ذلًا.
قطع العادة
ومن أحسنِ ما قيل في قطعِ العادة قول أعرابيٍّ - وقد سأل قومًا، فرقّ له رجلٌ منهم فضمّه إليه وأجرى له رزقًا أيّامًا ثم قطع عنه - فقال الأعرابيُّ: