(كلمة عن حياة المؤلف)
من شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد هو محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد الطبري شيخ الحرم المكى.
ولد بمكة في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة.
وسمع من جماعة.
وأفتى ودرس.
وتفقه وصنف كتابا كبيرا في الاحكام في ست مجلدات وتعب عليه مدة ورحل إلى اليمن وأسمعه للسلطان صاحب اليمن.
وروى عنه الدمياطي وابن العطار وابن الخباز والبرزالى وجماعة.
قال الذهبي: الفقيه الزاهد المحدث كان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز.
وقال غيره: له تصانيف كثيرة في غاية الحسن منها في التفسير كتب وشرح التنبيه.
وله كتاب الرياض النضرة في فضائل العشرة، وكتاب ذخائر العقبى
في مناقب ذوى القربى، وكتاب السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين، وكتاب القرى في ساكن أم القرى، وغير ذلك.
توفى في جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة رحمة الله تعالى.
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم الحمد لله على خصوص المنح وعموم النعماء وله الشكر على ما أولى من عظائم المنن وكرائم الآلاء.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله (١) جلت نعوته عن (٢) الاحصاء، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الرسل وخاتم الانبياء: محمد المنتخب من لباب العرب العرباء ونبيه المنتجب من أعلى سنام الذروة العلياء صلى الله عليه وعلى جميع عترته الطاهرة وصحابته الانجم الزاهرة وأهل بيته النجباء.
أما بعد فان الله عزوجل قد اصطفى محمدا ﷺ على جميع من سواه، وخصه بما عمه به من فضله الباهر وحباه، وأعلى منزلة من انتمى إليه سببا أو نسبة ورفع مرتبة من انطوى عليه بنصرة أو صحبة، وألزم مودة قرباه كافة بريته وفرض محبة جملة أهل بيته المعظم وذريته.
لاجرم سنح بالخاطر تدوين ما ورد في مناقبهم وتعريف (٣) ماروى في شريف قدرهم وعلو مراتبهم، وتتبع ما نقل في عظيم فخرهم الفاخر وجمع ما ظفرت به من عميم فضلهم الباهر.
ولم لا وهم هالة قمر الكون وطفاوة شمس البرية.
وأغصان دوحة الشرف وفروع أصل الانوار النبوية.
أعاد الله علينا من معلوم سنى بركتهم.
كما أعاذنا من جهل مفهوم على درجتهم وغمر في غفرانه ذنوبنا بحرمتهم كما غمر باحسانه قلوبنا بمحبتهم وأحسن مآبنا (٤) بجاههم عليه.
كما علق آمالنا بالتوسل بهم إليه.
ووسمته بذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى من كتب ذوات أعداد على وجه
الاختصار وحذف الاسناد، عازيا كل حديث إلى كتابه تفصيا (٥) من عهدة الارتياب وتسهيلا على طلابه.
والله أسأل أن يجعل ذلك وسيلة إلى جنات النعيم وذريعة
_________
(١) (اله) زائد في نسخة.
(٢) في نسخة (على) ولعله غلط.
(٣) في نسخة (وتعيين) .
(٤) في نسخة (مالنا) .
(٥) في الاصل (تقصيا) .
1 / 5
إلى درك الفوز (١) العظيم ويحقق الامل فيه لديه إنه ولى ذلك والقادر عليه.
ورتبته قسمين قسم يتضمن ما جاء فيهم على وجه العموم والاجمال، وقسم يتضمن ذلك على وجه التخصيص وتفصيل الاحوال.
(القسم الأول) فيما جاء في ذكر القرابة على وجه العموم والإجمال، وفيه أبواب: (باب في فضل قرابة رسول الله ﷺ عن ابن عباس رضى الله عنهما قال توفى لصفية بنت عبد المطلب رضى الله عنها ابن فبكت عليه فقال لها رسول الله ﷺ تبكين يا عمة من توفى له ولد في الاسلام كان له بيت في الجنة يسكنه فلما خرجت لقيها رجل فقال لها إن قرابة محمد لن تغنى عنك من الله شيئا فبكت فسمع رسول الله صلى عليه وسلم صوتها ففزع من ذلك فخرج وكان ﷺ مكرما لها يبرها ويحبها فقال لها يا عمة تبكين وقد قلت لك ما قلت قالت ليس ذلك أبكاني وأخبرته بما قال الرجل فغضب ﷺ وقال يا بلال هجر بالصلاة ففعل ثم قام ﷺ فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع إن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وإن رحمى موصلة في الدنيا والآخرة.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه فتزوجت أم كلثوم لما سمعت من رسول الله ﷺ يومئذ وأحببت أن يكون بينى وبينه نسب
وسبب.
(شرح): التهجير التبكير في كل شئ يقال هجر يهجر تهجيرا فهو مهجر وهى لغة حجازية، وأراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة.
وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كان لآل رسول الله ﷺ خادم تخدمهم يقال لها بريرة فلقيها رجل فقال لها يا بريرة غطى شعيفاتك (٢) فان محمدا ﷺ لن يغنى عنك من الله شيئا قالت فأخبرت النبي ﷺ فخرج يجر رداءه محمارة
_________
(١) في نسخة (النور) .
(٢) الشعفة: الذؤاية.
1 / 6
وجنتاه وكنا معشر الانصار نعرف غضبة بجر ردائه وحمرة وجنيته فأخذنا السلاح ثم أتيناه فقلنا يا رسول الله مرنا بما شئت والذى بعثك بالحق نبيا لو أمرتنا بآبائنا وأمهاتنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال من أنا قالوا أنت رسول الله قال نعم ولكن من أنا قلنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف قال ﷺ أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأول من ينفض التراب عن رأسه ولافخر وأول داخل الجنة ولافخر وصاحب لواء الحمد ولا فخر وفى ظل الرحمن يوم لاظل إلا ظله ولا فخر ما بال أقوام يزعمون ان رحمى لا تنفع بل تنفع حتى تبلغ حكم وحاء (١) - وهم إحدى قبيلتين من اليمن - إنى لاشفع فأشفع حتى إن من أشفع له ليشفع فيشفع حتى إن إبليس ليتطاول طمعا في الشفاعة.
أخرجه ابن البخترى.
(شرح) حكم وحاء (١) فسر في الحديث قال في الغريب وهما حيان واليمن من وراء رمل (٢) يبرين.
قال أبو موسى يجوز أن يكون حاء من الحوة وقد حذفت لامه ويجوز أن يكون من حوى يحوى ويجوز أن يكون مقصورا غير ممدود.
حكى ذلك صاحب نهاية الغريب.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله ﷺ (إذا كان يوم القيامة شفعت لابي وأمى وعمى أبى طالب وأخ لى كان في الجاهلية) أخرجه تمام الرازي في
فوائده، وفى طريقه الوليد بن مسلمة وهو منكر الحديث، وإن ثبت فمحمول على ما ورد في الصحيح في أبى طالب من تخفيف العذاب عنه بشفاعته ﷺ.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: جاءت سبيعة بنت أبى لهب رضى الله عنها إلى النبي ﷺ فقالت يا رسول الله إن الناس يقولون أنت بنت حطب النار فقام رسول الله ﷺ وهو مغضب فقال (ما بال أقوام يؤذوننى في قرابتي من آذى قرابتي فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله) أخرجه الملا في سيرته.
_________
(١) في الاصل (حاكم) في الموضعين، والتصحيح من النهاية.
(٢) في الاصل (ارض) وفى النهاية (رمل) .
1 / 7
(فصل) * (ذكر توصيته ﷺ مع هذا أقاربه أن لا يغتروا بنسبهم) * عن عائشة رضى الله عنها قالت لما نزل قوله تعالى (وأنذر عشيرتك الاقربين) قال رسول الله ﷺ على الصفا فقال يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بنى عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلونى من مالى ما شئتم) أخرجه مسلم.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ حين أنزل عليه (وأنذر عشيرتك الاقربين) (يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم من الله شيئا يا بنى عبد مناف لاأغنى عنكم من الله شيئا يا عباس ابن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله ﷺ لا أغنى عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سلينى من مالى ما شئت لا أغنى عنك من الله شيئا.
وفى رواية (يا معشر قريش اشتروا
أنفسكم من الله لا أغنى عنكم من الله شيئا يا بنى عبد المطلب لا أغنى عنكم من الله شيئا ثم ذكر نحوه ولم يذكر يا بنى عبد مناف.
أخرجاه وأخرجه البخاري عنه، ولفظه ان النبي ﷺ قال يا بنى عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله يا بنى عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله يا أم الزبير عمة رسول الله يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا سلانى من مالى ما شئتما.
وأخرجه مسلم عنه ولفظه قال لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الاقربين) دعا رسول الله ﷺ قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بنى كعب بن لؤى أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد مناف انقذوا انفسكم من النار يا بنى هاشم أنقذوا انفسكم من النار يا بنى عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فانى لا أملك لكم
1 / 8