ومما يدل على إفادة هذا الخبر العِلمَ؛ لا على جهة الإحاطة = أَنَّ أَبا بكر المَرُّوْذِي (^١)، قال: (قلت لأبي عبد الله: ها هنا إنسان يقول: إنَّ الخبر يوجب عملًا، ولا يوجب عِلمًا، فَعَابه، وقال: ما أدري ما هذا؟!) (^٢)
وإفادة خبر الآحاد للعلم رواية عن الإمام مالك (^٣) والرِّواية الأخرى عنه أنَّه يوجب العمل، دون القطع على غيبه، وهذه الرِّواية هي التي يستند إليها متأخرو أصحابه ممن دخلت عليهم مادةٌ كلاميَّةٌ كالمازري (^٤) في نفي إفادةِ خبر الواحدِ العلم؛ وهذه الرِّواية عن الإمامِ مالكٍ وإن كانت هي الأَشهر عنه عند أَصحابه إلَاّ أنَّها لا حُجّة فيها لمن نفى إفادةَ العلم والحق في الظاهر عن خبر الآحاد؛ وذلك لأمرين:
الأوَّل: أنَّ هذه الرِّوايةَ وردت مُرسلة فيقيَّد نفي القطعية عن هذه الأخبار في حال تجردها عن القرائن المفيدة للعلم.
الثَّاني: أنَّ الإمام مالكًا ومتقدمي أَصحابه لم يرد عنهم نفي العلم عن أخبار الآحاد، وإنّما المنقول عنهم نَفْيُ القطع على مُغيبه،