194

قصة حرب ذمرمر:

ثم إن السلاطين أهل ذمرمر اتفق رأيهم ورأي صاحب براش الأمير أسد الدين محمد بن الحسن [293]على المظاهرة والفتك بالإمام -عليه السلام-، وسول لهم شياطين الباطنية وكهنتهم بالظفر(1) من طريق علم النجوم، وأنهم إذا نهضوا في اليوم المضروب، نالوا مرادهم. وعظموا الأمر بزعمهم، وشاع ذلك، فبقي أهل صنعاء ومن لا بصيرة له كالمتوقع لذلك، فعمل -عليه السلام- على ما هو المعروف من خلقه من التوكل على الله والمضي للجهاد(2) في سبيل الله وحشد عساكره، وأمر بعضا فوقف في مقابلة صاحب براش، وتقدم الإمام بنفسه وقصد حصن ذمرمر في عسكر كبير من الخيل والرجال، وكان في ذمرمر مملوك أسد الدين عظيم الشأن ليس له نظير في فرسان العجم، ومعه أربعون فارسا من جياد الفرسان، وقد حشدوا من قبائل المشرق من الأعروش وغيرهم عسكرا وافرا، فوقع قتال عظيم، واستشهد رجل من السلاطين بني شهاب ورجلان آخران.

وقتل من أعداء الله سبعة نفر أو ثمانية، وقتل بعد ذلك مملوك من مماليك أسد الدين وأحتز رأسه وأخذ فرسه وأمر الإمام -عليه السلام- بخراب أموال السلاطين عبدالله بن سالم ومن يقول بقوله من بني عمه، إلا مال السلطان الأجل علي بن سعد(3) بن علي بن حاتم، فإن الإمام -عليه السلام- أمر باحترامه. فخربت البساتين وغورت الآبار وحمل إلى صنعاء وغيرها من الأعواد والأشجار شيء كثير، واستأصل المجاهدون شأفتهم، وبلغوا في تدمير بلادهم تدميرا عظيما لم يبلغ أحد مثله، وثناه الإمام -عليه السلام- ثانية فاستلحق بالعسكر ما لم يكن أخرب في اليوم الأول وجعل بلادهم عبرة للمعتبرين وعاد إلى صنعاء سالما غانما(4).

Page 279