Dawla Umawiyya Fi Sham
الدولة الأموية في الشام
Genres
11
وقد اعتمد عليهم معاوية في قتال البيزنطيين وأهل العراق، فكانوا سيوفه البتارة حين محنه، ومع ذلك فقد ذكروه أحيانا بأعمالهم المجيدة،
12
وكان اليمنيون أيضا ساعده الأيمن في تجهيز الأسطول وقيادته؛ ولذا عطف عليهم لإخلاصهم لقضيته، واستمالهم بكرمه، وجعل بعضهم من بطانته، ولما اعتنق هؤلاء الإسلام - ذلك الدين الجديد - ظلوا ينظرون إلى «مبدأ العربية الشامل»
13
المبدأ الجامع لشتاتهم، فلم تكن الحزبية معروفة تماما في بلاطه، وأصبحوا بتوالي الأيام شاميين ومن أعظم دعاته.
إن معاوية وإن كان قيسيا في انتسابه، فقد علم علم اليقين أن الاتفاق مع القبائل العربية المتوطنة سورية منذ أجيال دعامة كبيرة في سبيل دعوته، وركنا متينا في توطيد العائلة المالكة الأموية، وكان اليمنيون - أولئك الذين اعتادوا النظام والحياة الهادئة في ظل الحكومة البيزنطية - من أكبر مساعدي معاوية على إدارة سورية.
أما القيسيون فقد كانوا يسكنون التخوم في الجهة الشرقية من سورية وهم أقلية، نجد أغلبهم في قنسرين، والاعتماد عليهم دون سواهم غلط فادح لكثرة اليمانية، ويشهد بذلك أن معاوية حين ابتدأ في نزاعه مع علي أشير عليه باكتساب رضى اليمانية وعلى الأخص زعيمهم شرحبيل بن السمط.
إن اليمنيين والقيسيين بامتزاجهم مع سكان سورية رقت عقليتهم ونمت أفكارهم نوعا ما، فنزعوا عنهم ثوب البداوة، ومن المهم أن نقرر أن هؤلاء العرب - وخصوصا أبناؤهم - أخذوا ينسون وطنهم الأول ويرون في سورية وطنا ثانيا، وقد كانوا ذوي ليونة ومران قابلين لكل تجدد.
كان معاوية يستشير رجاله وذوي الرأي من نبلاء سورية في أموره، وطالما أبديت الآراء بصراحة أمامه دون رهبة أو وجل كما هو الشائع اليوم في المجالس النيابية عند الغربيين، ويقول الحصري: إنه «إذا أراد أن يفعل شيئا ألقى منه طرفا إلى الناس»، ويؤكد لامنس أن معاوية «جدير بأن يتربع في أيامنا هذه على كرسي الرئاسة في أي مجلس من مجالسنا التشريعية».
Unknown page