201

Dawla Umawiyya Fi Sham

الدولة الأموية في الشام

Genres

أبو مسلم الخراساني

قدم إبراهيم الإمام أبا مسلم وأسند إليه منصب الزعامة على جميع النقباء في خراسان، وحضه على التكتم واستعمال الشدة مع أحزاب بني أمية ومناصريهم من العرب. قال يوصيه حينما توجه إلى فارس: «يا أبا عبد الرحمن - يعني أبا مسلم - إنك رجل منا - أهل البيت - فاحفظ وصيتي. انظر هذا الحي من اليمن فأكرمهم، فإن الله لا يتم هذا الأمر إلا بهم، وانظر هذا الحي من ربيعة فإنهم معهم، وانظر هذا الحي من مضر فإنهم العدو القريب، فاقتل من شككت في أمره ومن وقع في نفسك منه تهمة ... السيف السيف لا تتق العدو بطرف ... إن استطعت أن لا تدع بخراسان أرضا فيها عربي فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار فاقتله.»

11

فترى أن الإمام لم يكن لينظر إلى العرب عموما إلا أعداء لحركته وعاملا من عوامل الانحلال فيها، بينما كان الفرس - في نظره - الحصن الحصين لدعوته، فاعتمد عليهم اعتمادا كليا.

وأعجب الإمام بما امتاز به أبو مسلم من الصفات الباهرة كحسن المنطق والعقل الوافر والأدب الجم والرصانة والصبر وعدم الاهتمام بالمظاهر الخلابة، ومقدرته على كتمان الأمور وضبط الشعور، فقال فيه: «هذا عضلة من العضل.»

12

وقال ابن خلكان يصف أبا مسلم: «كان أبو مسلم خافض الصوت فصيحا بالعربية والفارسية، حلو المنطق راوية للشعر عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته، ولا يكاد يقطب في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظام فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الحوادث الفادحة فلا يرى مكتئبا، وإذا غضب لم يستفزه الغضب، وكان من أشد الناس غيرة ، لا يدخل قصره غيره، وكان أقل الناس طمعا وأكثرهم طغاما.»

13

ووصفه ابن العبري بقوله: «كان أبو مسلم ذا رأي وعقل وتدبير وحزم ومروءة، وكان فاتكا قليل الرحمة قاسي القلب سوطه سيفه.»

14

Unknown page