Dawla Umawiyya Fi Sham
الدولة الأموية في الشام
Genres
34
وألف بعض الكتب القيمة «كالكناش الكبير»، وكتاب إبدال الأدوية وكيفية دقها وإيقاعها وإذابتها، و«شيء من تفسير أسماء الأدوية»، وله حكم ونصائح طيبة منها: «لا تأكل طعاما وفي معدتك طعام.» «ولا تأكل ما تضعف أسنانك عن مضغه فتضعف معدتك عن هضمه.» «ولا تشرب الماء على الطعام حتى تفرغ ساعتين، فإن أصل الداء التخمة وأصل التخمة الماء على الطعام.» «وعليك بدخول الحمام في كل يومين مرة واحدة، فإنه يخرج من جسدك ما لا يصل إليه الدواء.» «وأكثر الدم في بدنك تحرس به نفسك.» «وعليك في كل فصل قيئة ومسهلة.» «ولا تحبس البول وإن كنت راكبا.» «واعرض نفسك على الخلاء قبل نومك.» «ولا تكثر الجماع فإنه يقتبس من نار الحياة.»
واختص بخدمة الحجاج أيضا الطبيب ثاودون، وله مؤلفات جمة منها «الكناش» صنفه لابنه ليستعين به، وعرف من الأطباء ماسرجويه وهو بصري سرياني اللغة يهودي المذهب، وتولى تعريب بعض الكتب الطبية عن السريانية ككناش أهرون القس وغيره، وقد عاش في زمن مروان بن الحكم.
35 (7) الثياب والعادات الاجتماعية
لو ساعدنا القدر ورأينا أحد الخلفاء الأمويين في المسجد الجامع حين صلاة الجمعة أو في أحد أيام الأعياد الرسمية لاستلفتت أنظارنا البردة التي عليه، وهي ثوب كان يلبسه الرسول
صلى الله عليه وسلم ، قال ابن الأثير: وهي شملة مخططة، وقيل كساء أسود مربع فيه صفر، وقد اختلف في وصولها إلى الخلفاء،
36
ولرأينا القضيب الذي يحمله، وهو عود كان النبي يأخذه بيده، ثم لو اقتربنا من الخليفة وحدقنا في يده اليمنى لشاهدنا خاتما، والأصل في اتخاذ الخاتم أن النبي قيل له: إن الملوك لا يقرءون كتابا غير مختوم، فاتخذ خاتما من ورق وجعل نقشه «محمد رسول الله»، واتخذ الخلفاء بعد ذلك خواتيم، وصار كل ينقش ما يشاء من الكلمات، فنقش معاوية على خاتمه «لا قوة إلا بالله»، ونقش يزيد الأول على خاتمه «ربنا الله»، ونقش معاوية الثاني «بالله ثقة معاوية»، ونقش مروان بن الحكم «آمنت بالله مخلصا»، ونقش الوليد «يا وليد إنك ميت»، ونقش غيرهم ألفاظا كلها تدل على خضوعهم للعزة الإلهية واعتمادهم عليها، وكان الخاتم والقضيب والبردة من شعائر الخلافة، وظل يتوارثها الخلفاء الواحد إثر الآخر.
أما مجالس الخلفاء فكان فرشها الأثاث القطني في الصيف، والأثاث الصوفي في الشتاء، وكل ذلك على أتم أسلوب وأفخم طريقة.
ويؤكد صاحب البيان والتبيين أن ظهور دوائر الحكومة بمظاهر الأبهة ضروري فيقول: «وهل يملأ عيون الأعداء ويرعب قلوب المخالفين ويحشو صدور العوام إفراط التعظيم وتعظيم شأن السلطة والزيادة في الأقدار إلا الآلات؟ وهل دواؤهم إلا في التهويل عليهم؟ وهل يصلحهم إلا إخافتك إياهم؟ وهل ينقادون لما فيه الحظ لهم ويسلمون بالطاعة التي فيها صلاح أمورهم إلا بتدبير يجمع المحبة والمهابة؟»
Unknown page