239

Al-ḍawʾ al-lāmiʿ

الضوء اللامع

Publisher

منشورات دار مكتبة الحياة

Publisher Location

بيروت

لمزيد رغبته فِي النِّسَاء مَعَ كَونه مطلاقا وَظهر لما ترفع حَاله مَا كَانَ كامنا لَدَيْهِ من اعْتِقَاد نَفسه الَّذِي جر إِلَيْهِ الطيش والخفة وَلم يلبث أَن وَقع بَينه وَبَين حميد الدّين النعماني الْمَذْكُور أَنه من ذُرِّيَّة الإِمَام أبي حنيفَة مباحثة سَطَا فِيهَا عَلَيْهِ وتشاتما بِحَيْثُ تعدى هَذَا إِلَى آبَائِهِ وَوصل علم ذَلِك إِلَى السُّلْطَان فَأمر بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وسجنه بالبرج ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ عِنْد قَاضِي الْحَنَفِيَّة ابْن الديري وأقيمت الْبَيِّنَة بالشتم وبكونه من ذُرِّيَّة الإِمَام فعزز بِحَضْرَة السُّلْطَان نَحْو الثَّمَانِينَ بل وَأمر بنفيه وَأخرج عَنهُ تدريس الْفِقْه بالبرقوقية وَكَانَ قد اسْتَقر فِيهِ بعد ابْن يحيى وَعمل فِيهِ أجلاسا فاستقر بعده فِيهِ الْجلَال الْمحلى وَخرج الشهَاب منفيا قَالَ المقريزي بعد أَن بَاعَ أثاثه وأخرجت وظائفه ومرتباته إِلَى دمشق فَلَمَّا خرج الْحَاج توجه مَعَه فَرد إِلَى حلب فَلم يشعروا بِهِ حَتَّى قدم الطّور ليمضي فِي الْبَحْر إِلَى مَكَّة فَقبض عَلَيْهِ وسير بِهِ حَتَّى تعدى الْفُرَات وَذَلِكَ كُله سنة أَربع وَأَرْبَعين وَلَا يظلم رَبك أحدا انْتهى، وتوصل الشهَاب إِلَى مملكة الرّوم وَلَا زَالَ يترقى بهَا حَتَّى اسْتَقر فِي قَضَاء الْعَسْكَر وَغَيره وتحول حنفيا وَعظم اخْتِصَاصه بِملك الرّوم ومدحه وَغَيره بقصائد طنانة وَحسنت حَالَته)
هُنَاكَ جدا بِحَيْثُ لم يصر عِنْد مُحَمَّد بن مُرَاد أحظى مِنْهُ وانتقل من قَضَاء الْعَسْكَر إِلَى منصب الْفَتْوَى وَتردد إِلَيْهِ الأكابر وَشرح جمع الْجَوَامِع وَكثر تعقبه الْمحلى بِمَا اخْتلف الْفُضَلَاء فِيهِ تصويبا وردا وَقَالَ فِيهِ إِن من قصائده فِي ملكه قَوْله:
(هُوَ الشَّمْس إِلَّا أَنه اللَّيْث باسلا ... هُوَ الْبَحْر إِلَّا أَنه مَالك الْبر)
وَكَذَا بَلغنِي أَنه عمل تَفْسِيرا وشرحا على البُخَارِيّ وقصيدة فِي علم الْعرُوض نَحْو سِتّمائَة بَيت وَغَيرهَا من القصائد وَأَنْشَأَ باسطنبول جَامعا ومدرسة سَمَّاهَا دَار الحَدِيث بل لَهُ مَسْجِد بِخطْبَة وَآخر بِدُونِهِ وَفِي الغلطة تجاهها مَسْجِد إِلَى غَيرهَا من الدّور، وَقد أَخذ عَنهُ الأكابر حَتَّى أَن المقريزي روى عَنهُ حِكَايَة عَن شَيْخه الْجلَال فِي فضل أهل الْبَيْت هَذَا مَعَ كَونه مِمَّن أَخذ عَنهُ كَمَا أسلفته، وغالب مَا نقلته عَنهُ من عقوده. وَلما كنت بحلب وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَخمسين دَخلهَا ثمَّ الْبِلَاد الشامية وَهُوَ فِي ضخامة زَائِدَة وَحج فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وترامى عَلَيْهِ البقاعي فِي هَذَا الْآن ليتوصل بِهِ إِذا رَجَعَ بِهِ للملكة الرومية فِي طلب كِتَابه المناسبات من هُنَاكَ رَجَاء أَن يحصل لَهُ رواج بذلك وتبينه زعم بِمن يسره الله لَهُ ذَلِك بِدُونِ تكلّف وَلَا تطلب وَالْتزم لَهُ بتولي إشهار شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَأخذ على جاري عَادَته فِي المبالغات إِذا كَانَت موصلة لأغراضه وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور وَلم

1 / 242