Darsat Fi Al-Baqiyat Al-Salihat
دراسات في الباقيات الصالحات
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
السنة ٣٣-العدد ١١٣
Publication Year
١٤٢١هـ/٢٠٠٠م
Genres
المغضوب عليهم ولا الضالين.
والحاصل أنَّ لا إله إلا الله لا تنفع إلا من عرف مدلولها نفيًا وإثباتًا، واعتقد ذلك وعمل به، أما من قالها وعمل بها ظاهرًا من غير اعتقاد فهو المنافق، وأما من قالها وعمل بضدّها وخلافها من الشرك فهو الكافر، وكذلك من قالها وارتدّ عن الإسلام بإنكار شيء من لوازمها وحقوقها فإنَّها لا تنفعه ولو قالها ألف مرّة، وكذلك من قالها وهو يصرف أنواعًا من العبادة لغير الله كالدعاء، والذبح، والنذر، والاستغاثة، والتوكل، والإنابة، والرجاء، والخوف والمحبة، ونحو ذلك.. ... فمن صرفَ مما لا يصلحُ إلا لله من العبادات لغير الله فهو مشرك بالله العظيم ولو نطق بلا إله إلا الله؛ إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص الذي هو معنى ومدلول هذه الكلمة العظيمة١.
فإنَّ لا إله إلا الله معناها: لا معبود حق إلا إله واحد، وهو الله وحده لا شريك له، والإله في اللغة هو المعبود، ولا إله إلا الله: أي لا معبود حق إلا الله كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ٢ مع قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ ٣، فتبيّن بذلك أنَّ معنى الإله هو المعبود، وأنَّ لا إله إلا الله معناها إخلاص العبادة لله وحده واجتناب عبادة الطاغوت، ولهذا لما قال النبي ﷺ لكفار قريش: "قولوا لا إله إلا الله" قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهً وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ ٤، وقال قومُ هودٍ لنبيّهم لما قال لهم: قولوا: لا إله إلا الله،
١ انظر: تيسير العزيز الحميد (ص:٧٨) . ٢ سورة الأنبياء، الآية: (٢٥) . ٣ سورة النحل، الآية: (٣٦) . ٤ سورة ص، الآية: (٥) .
1 / 30