250

Daqāʾiq al-tafsīr

دقائق التفسير

Editor

د. محمد السيد الجليند

Publisher

مؤسسة علوم القرآن

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٤

Publisher Location

دمشق

فصل
اعْتِرَاض وَجَوَابه
قَالَ الْمُعْتَرض فِي أَسمَاء الله الْحسنى النُّور الْهَادِي يجب تَأْوِيله قطعا إِذْ النُّور كَيْفيَّة قَائِمَة بالجسمية وَهُوَ ضد الظلمَة وَجل الْحق سُبْحَانَهُ أَن يكون لَهُ ضد وَلَو كَانَ نورا لم تجز إِضَافَته إِلَى نَفسه فِي قَوْله ﴿مثل نوره﴾ فَتكون إِضَافَته الشَّيْء إِلَى نَفسه وَهُوَ غير جَائِز وَقَوله ﴿الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ يَعْنِي هادي أهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَهُوَ ضَعِيف لِأَن ذكر الْهَادِي بعده يكون تَكْرَارا وَقيل منور السَّمَاوَات بالكواكب وَقيل بالأدلة والحجج الباهرة والنور جسم لطيف شفاف فَلَا يجوز على الله والتأويل مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَأنس وَسَالم وَهَذَا يبطل دَعْوَاهُ أَن التَّأْوِيل يبطل الظَّاهِر وَلم ينْقل عَن السّلف وَلَو كَانَ نورا حَقِيقَة كَمَا يَقُوله المشبهة لوَجَبَ أَن يكون الضياء لَيْلًا وَنَهَارًا على الدَّوَام
وَقَوله ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا﴾ وَمَعْلُوم أَنه ﷺ لم يكن السراج الْمَعْرُوف وَإِنَّمَا سمي سِرَاجًا بِالْهدى الَّذِي جَاءَ بِهِ ووضوح أدلته بِمَنْزِلَة السراج الْمُنِير
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أُخْرَى وَأبي الْعَالِيَة وَالْحسن يَعْنِي منور السَّمَاوَات وَالْأَرْض شمسها وقمرها ونجومها وَمن كَلَام العارفين النُّور هُوَ الَّذِي نور قُلُوب الصَّادِقين بتوحيده وَنور أسرار المحبين بتأييده وَقيل هُوَ الَّذِي أَحْيَا قُلُوب العارفين بِنور مَعْرفَته ونفوس العابدين بِنور عِبَادَته
وَالْجَوَاب أَن هَذَا الْكَلَام وَأَمْثَاله لَيْسَ باعتراض علينا وَإِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء نقص حرمته مِنْهُم لما يظنّ أَنه يلْزمنَا أَو يظنّ أَنا نقُوله على الْوَجْه الَّذِي حَكَاهُ وَقد قَالَ تَعَالَى ﴿اجتنبوا كثيرا من الظَّن إِن بعض الظَّن إِثْم﴾

2 / 470