وما زلنا نسير أربع ساعات متوالية، حتى انتهت المركبة إلى قصر شاهق، ونفخ أحد رجال العصابة في بوق، وللحال فتحت أبواب القصر ودخلت المركبة منه إلى ساحة فسيحة.
فأحدقت النظر أنا وجرتريدة في تلك الأرجاء عسى نعرف منها شيئا، ولكننا لم نوفق لمعرفة شيء.
ثم فتح باب المركبة، وسألني زعيم العصابة أن أنزل، فنزلت مع جرتريدة ومشينا وإياه إلى القصر الذي كان يقودنا إليه رجل يحمل مصباحا، حتى دخلنا إلى قاعة جميلة فأجلسنا فيها، وقال لي: أنت الآن في منزلك، وجميع من فيه تحت إمرتك، فإذا احتجت إلى شيء اقرعي الباب يهرعوا إلى تلبيتك في الحال.
ثم سار بنا إلى غرفتين متجاورتين وقال: هما لكما كي لا تفترقا.
وغادرنا وانصرف.
وأقمنا تلك الليلة إلى مطلع الفجر، ففتحت النافذة ورأيت مياه النهر تجري من تحتها، وقرية جميلة تبينت منازلها وعرفتها.
وعلمت عندها أني سجينة في قصر بومبه، أي قصر الدوق دانجو.
وعلمت للحال سر النظرات الهائلة التي كان يرمقني بها الدوق في الليلة الراقصة التي أحياها له مونسورو.
فأدركت موقفي الخطير، وعولت على الانتحار بأن ألقي بنفسي من النافذة إلى النهر.
وعندما طلع النهار أحضروا لنا الطعام، ولم أذق منه شيئا، وفي المساء أحضروا لنا الطعام أيضا، وشقت جرتريدة الرغيف ورأت فيه ورقة وأخذتها منها وقرأتها.
Unknown page