فلما انتظم عقد الحفلة وكان الجميع بانتظار جلالته للذهاب إلى الصيد، وفي مقدمتهم المسيو دي مونسورو، اجتمع باسي بأحد أصحابه ودار بينهما الحديث عن هذا الرجل، فقال له صديقه: إني لا أعرف شيئا عن هذا الرجل غير حادثة واحدة؛ لأني لم أره قبل اليوم غير مرة واحدة، ولم أعرفه قبل أن يعرفنا به الدوق.
وذلك أني كنت قادما يوما من غابة ميريدور منذ ستة أشهر، فرأيت رجلا ممتطيا فرسا أسود، وأمامه امرأة لم أقدر أن أرى وجهها، وهو قابض بإحدى يديه على لجام الفرس، وواضع يده الثانية على فم تلك المرأة وهو يقطع الأرض نهبا بجواده.
ولم يكن بيننا غير مسافة مرمى الرصاص، فعرفت وجهه وعلمت أنه سارق لتلك الفتاة.
فصحت به فلم يقف بل زاد عدوا، فلكزت بطن جوادي بغية لحاقه وأطلقت عليه بندقيتي فأخطأته.
وما زال يعدو وأنا أعدو وراءه حتى سبقني بمراحل وتوغل في الغابة، فلم أعد أراه.
ولم أعلم بعدها شيئا عنه وعن الفتاة.
فعرف باسي السبب في وساطة الدوق لهذا الرجل بالمنصب الذي تولاه، وأنه لم يسرق الفتاة إلا ليجعلها مقدمة لأغراضه عند شقيق الملك الذي لم يكن يؤخذ بغير هذه المكائد.
وفيما هو يحادث صديقه، إذ سمع الدوق يناديه وهو منفرد في عزلة عن الناس.
فذهب إليه، فقال له الدوق: إني ما دعوتك وأنا في هذه الخلوة إلا لأعهد إليك بأمر جلل لا يعهد به إلا لمن كان مثلك من الأصدقاء المخلصين. - قل ما تشاء فأنت تعرف إخلاصي. - هو سر لا أحب أن يعلم به سواك، وذلك أني ذهبت منذ أيام إلى كنيسة كائنة بالقرب من مدفن التورنيل، فرأيت فيها فتاة كنت أعرفها من قبل، وكنت أحسبها قد هلكت منذ ستة أشهر.
وإن لي مع هذه الفتاة شأنا هاما، وأحب أن أعرف كيف وصلت إلى باريس؟ وكيف تعيش فيها؟ ومن يأتي إليها؟ وذلك لا يتم إلا بمراقبتها ...
Unknown page