Dam Wa Cadala
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Genres
ليس هناك ما يدل على أن دوني طلب هذه الخدمة من هذا الرجل مجهول الاسم مرة أخرى، لكن ليس هذا آخر ما سنسمعه عنه.
الفصل السابع
السبق والسجن
أتت نهاية يوليو عام 1667 على دوني حاملة معها بشرى تقديره؛ إذ كان الفارق كبيرا بين أن يسجل عمله وينشره في نشراته الخاصة - وهو ما كان يفعله دوني طوال الصيف - وأن ينشر بعضها في دورية «جورنال دي سافونز» - التي كانت جديدة لكنها بالغة التأثير - والتي كان رئيس تحريرها صديقا شخصيا لدوني. إلا أن رؤية أعماله تترجم إلى الإنجليزية وتنشر في دورية أولدنبرج «مداولات فلسفية» كان تتويجا لنجاحه.
ففي العدد 27 من «مداولات فلسفية» توالت الصفحات عن أعمال دوني وأفكاره، حيث طبعت ووزعت على كل قلاع العلم في أوروبا. فكان ذلك اعترافا بدوني في واقع الأمر. ودفع ذلك نقاده للتفكير. فقد كانت إنجلترا على كل حال هي موطن اكتشاف الدورة الدموية. فإذا رأى أهلها أن عمل دوني يستحق الذكر فمن عساه أن يعترض؟
ومع عدم إلمام دوني بالإنجليزية، لم يتمكن من تحليل ما نشر كاملا ليتأكد من أن أفكاره نجت من أخطاء الترجمة، لكن الفحص العرضي أظهر أن كثيرا من النقاط الرئيسية كان موجودا. فعلى سبيل المثال، وردت في البداية جملة تشير إلى أن دوني كان يدرس احتمالات نقل الدم لعشر سنوات منذ سمع عنه في أكاديمية مونتمور. وكان حدثا عظيما أن يذكر ذلك كتابة، لأنه عندها يتأكد سبقه في ذلك المجال. وعندما يشيع نقل الدم عبر أنحاء العالم ستطبق شهرته الآفاق، وسيجني ثروات طائلة من وراء ذلك.
شكل 7-1: «مداولات فلسفية» العدد رقم 27 (أولدنبرج، الطبعة الأولى). حقوق الطبع محفوظة للجمعية الملكية.
أورد المقال بالتأكيد حالتي نقل الدم اللتين أجراهما دوني إلى الشاب ثم إلى العامل؛ إذ لم يجرب أي شخص في العالم شيئا بمثل هذه الجرأة. ومع الاعتراف الدولي به، أليس من المؤكد أن تعرض عليه الأكاديمية الملكية الفرنسية للعلوم عضويتها المرموقة؟ فكيف ترفض ذلك؟! فكل ما كان يحتاج إليه في ذلك الوقت هو قليل من التجارب الناجحة ومزيدا من التغطية رفيعة المستوى.
استمرت هذه الفترة المثالية من حياة دوني المهنية شهرا واحدا، وربما زادت بضعة أيام. ثم بدأت الأزمة في أغسطس؛ إذ أنكر أولدنبرج العدد المذكور من دوريته واستبدل به نسخة جديدة. فتحول الثناء والضغائن اللذان أحاطا بدوني في الأسابيع الأخيرة إلى قهقهات وضحكات ساخرة. وكان الفارق الرئيس بين النسختين - فيما يخص دوني - هو أن خطابه المطول قد حذف واستبدل به مقال قصير يصب نقده اللاذع لادعاء دوني السبق.
استدعى دوني صديقا لترجمة النسخة الجديدة، وجلس دافنا رأسه بين كفيه، ينصت إلى الهجوم الشرس على أقواله وعلى مصداقيته:
Unknown page