Al-Dalīl waʾl-burhān li-Abī Yaʿqūb al-Wārijlānī
الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني
Genres
وكره بعض أصحاب رسول الله عليه السلام قول أبي بكر . وقالوا له : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله )) فقال : ( والذي نفسي بيده لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، ولو منعوا مني عقالا مما كانوا يؤدونه لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لقاتلتهم عليه حتى ألحق بالله ) ، فرجع المسلمون إلى رأيه ، فاجتمعت الكلمة ، فقاتلهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - والمسلمون معه ، فأظهره الله عليهم فهزمهم ، وقتل من قتل منهم ، وسبى وغنم وقسم على الغنائم ، وما وراء ذلك - رضي الله عنه - أحكامه فيهم أحكام المسلمين في الزنادقة لا أحكامهم في المشركين ، وذلك أنهم جاءوا تائبين يطلبون الصلح فأبى عليهم إلا عن شروط أن يدفعوا له الحلقة والكراع ، ويتركهم يتبعون أذناب البقر ، حتى يرى الله خليفة رسوله ما يشاء .
وأحكام عمر - رضي الله عنه - في الشورى ، ومنها أحكامه في الدواوين والخراج : خراج الأرضين ، ونصارى بني تغلب في سلب اسم الجزية عنهم والخزية عنهم بعد قول الله تعالى : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) فجعلها صدقة وزكاة ، والتفرقة بين الأحرار والهجن في الخيل ، وقسمة الفرائض إذا تدافعت .
وذلك أنه جلس ذات يوم يتوضأ ، إذ دخل عليه رجل فقال : ( يا أمير المؤمنين امرأة ماتت ، وخلقت زوجا وأختا وأما ) ، فقال عمر : ( للزوج النصف وللأخت النصف وللأم الثلث ) ، فقام كما هو إلى المسجد فصاح : ( يا للمسلمين ) . فقال : ( إن الله تعالى لم يجعل في المال إلا نصفين ، فأين مقام الثلث ؟ ) فقال له العباس : ( اجعلوه كقسمة الغرماء في المواضعة ) .
Page 69