222

Dalāʾil al-nubuwwa wa maʿrifat aḥwāl ṣāḥib al-sharīʿa

دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة

Editor

د. عبد المعطي قلعجي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى-١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

دار الريان للتراث

قَالَ: فَتُوُفِّيَ جَدُّهُ وَرَسُولُ الله، ﷺ، غُلَامٌ، فَكَفَلَهُ أَبُو طَالِبٍ- وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ- فَلَمَّا نَاهَزَ الْحُلُمَ ارْتَحَلَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ تَاجِرًا قِبَلَ الشَّامِ، فَلَمَّا نَزَلَ تَيْمَاءَ رَآهُ حَبْرٌ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ [(٩٤)] فَقَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ؟
قَالَ: هُوَ ابْنُ أَخِي. قَالَ: أَشَفِيقٌ أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فو الله لَئِنْ قَدِمْتَ بِهِ الشَّامَ لَا تَصِلُ بِهِ إِلَى أَهْلِكَ أَبَدًا، لَتَقْتُلَنَّهُ الْيَهُودُ، إِنَّ هَذَا عَدُوُّهُمْ.
فَرَجَعَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ مِنْ تَيْمَاءَ إِلَى مَكَّةَ.
فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ، ﷺ، الْحُلُمَ، أَجْمَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شررة مِنْ مِجْمَرَتِهَا [(٩٥)] فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ، فَاحْتَرَقَتْ، فَوَهَى [(٩٦)] الْبَيْتُ لِلْحَرِيقِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَتَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ فِي هَدْمِ الْكَعْبَةِ، وَهَابُوا هَدْمَهَا، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَتُرِيدُونَ بِهَدْمِهَا الْإِصْلَاحَ؟ أَمْ تُرِيدُونَ الْإِسَاءَةَ؟ فَقَالُوا:
بَلْ نُرِيدُ الْإِصْلَاحَ. قَالَ: فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى، لَا يُهْلِكُ الْمُصْلِحَ. وَقَالَتْ: فَمَنْ ذَا الَّذِي يَعْلُوهَا فَيَهْدِمَهَا؟ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَنَا أَعْلُوهَا فَأَهْدِمُهَا. فَارْتَقَى الْوَلِيدُ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ. ثُمَّ هَدَمَ. فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْشٌ قَدْ هَدَمَ مِنْهَا وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا يَخَافُونَ مِنَ الْعَذَابِ هَدَمُوهَا مَعَهُ. حَتَّى إِذَا ابْتَنَوْا، فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ: أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ، حَتَّى كَادَ يُشْجَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ [(٩٧)] هَذِهِ السِّكَّةِ. فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، فَطَلَعَ رَسُولُ اللهِ، ﷺ، وَهُوَ غُلَامٌ، عَلَيْهِ وِشَاحُ [(٩٨)] نَمِرَةٍ، فَحَكَّمُوهُ، فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ، فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ، ثم

[(٩٤)] في (ح): «تيمان» .
[(٩٥)] من هامش (ص) بخط مغاير: «وهي السقاء» .
[(٩٦)] في (ص): رسمت: «فوها» .
[(٩٧)] في (ص): «في» .
[(٩٨)] في (ص): «وشاحا» بالتثنية.

1 / 89