219

Dalāʾil al-nubuwwa wa maʿrifat aḥwāl ṣāḥib al-sharīʿa

دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة

Editor

د. عبد المعطي قلعجي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى-١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

دار الريان للتراث

وَالدَّمِ، فِي مَبْحَثِ الْغُرَابِ، فِي قَرْيَةِ النَّمْلِ [(٧٦)] مُسْتَقْبِلَةً الْأَنْصَابَ الْحُمْرَ. فَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَمْشِي حَتَّى جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَنْتَظِرُ مَا سُمِّيَ لَهُ مِنَ الْآيَاتِ، فَنُحِرَتْ بَقَرَةٌ بِالْحَزْوَرَةِ [(٧٧)] فَانْفَلَتَتْ مِنْ جَازِرِهَا بِحُشَاشَةِ نَفْسِهَا، حَتَّى غَلَبَهَا الْمَوْتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ. فَنُحِرَتْ تِلْكَ الْبَقَرَةُ فِي مَكَانِهَا حَتَّى احْتُمِلَ لَحْمُهَا، فَأَقْبَلَ غُرَابٌ يَهْوِي حَتَّى وَقَعَ فِي الْفَرْثِ، فَبَحَثَ عَنْ قَرْيَةِ النَّمْلِ. فَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، فَحَفَرَ هُنَالِكَ. فَجَاءَتْهُ [(٧٨)] قُرَيْشٌ، فَقَالَتْ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: مَا هَذَا الصَّنِيعُ؟ إِنَّا لَمْ نَكُنْ نَزُنُّكَ [(٧٩)] بِالْجَهْلِ، لِمَ تَحْفِرُ فِي مَسْجِدِنَا؟ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: إِنِّي لَحَافِرٌ هَذِهِ البئر، ومجاهد من ضدّني عَنْهَا.
فَطَفِقَ يَحْفِرُ هُوَ وَابْنُهُ الْحَارِثُ، وَلَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرُهُ، فَتَسَفَّهَ عَلَيْهِمَا نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَنَازَعُوهُمَا وَقَاتَلُوهُمَا [(٨٠)] . وَتَنَاهَى عَنْهُ أُنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ عِتْقِ نَسَبِهِ، وَصِدْقِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي دِينِهِمْ [(٨١)] يَوْمَئِذٍ، حَتَّى إِذَا أَمْكَنَ الْحَفْرُ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى، نَذَرَ إِنْ وُفِّيَ [(٨٢)] لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الْوَلَدِ أَنْ يَنْحَرُ أَحَدَهُمْ. ثُمَّ حَفَرَ حَتَّى أَدْرَكَ سُيُوفًا دُفِنَتْ فِي زَمْزَمَ حَيْثُ [(٨٣)] دُفِنَتْ. فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ السُّيُوفَ، قَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، أَحْذِنَا [(٨٤)] مِمَّا وَجَدْتَ. فَقَالَ عَبْدُ

[(٧٦)] قرية النمل، شبه مكة وكيف انها غير ذي زرع، ويأتيها رزقها رغدا من كل مكان، كالنمل لا تحرث ولا تبذر، وتجلب الحبوب إلى قريتها من كل جانب.
[(٧٧)] في (ص): بالجزوّرة. وهو تصحيف، وهي موضع في مكة، عند باب الحناطين. النهاية في غريب الحديث.
[(٧٨)] في (ص): «فجاءت» .
[(٧٩)] نتهمك.
[(٨٠)] في (ص): «فينازعوهما ويقاتلوهما» .
[(٨١)] في (ص): «دينه» .
[(٨٢)] رسمت في (ص): وفا.
[(٨٣)] في (ص): حين.
[(٨٤)] أعطنا.

1 / 86