Dalāʾil al-nubuwwa li-Abī Nuʿaym al-Aṣbahānī
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني
Editor
الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس
Publisher
دار النفائس
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت
Genres
Prophetic Biography
مِنَ الْقَوْمِ وَيَرَاهَا مُحَلِّقَةً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ بَحِيرَا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا يَتَخَلَّفَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ طَعَامِي هَذَا قَالُوا: مَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ إِلَّا غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا فِي رِحَالِنَا قَالَ: ادْعُوهُ فَلْيَحْضُرْ طَعَامِي فَمَا أَقْبَحَ مِنْ أَنْ تَحْضُرُوا وَيَتَخَلَّفُ وَاحِدٌ، إِنِّي أُرَاهُ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، قَالُوا: هُوَ وَاللَّهِ مِنْ أَوْسَطِنَا نَسَبًا وَابْنُ أَخِي هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ كَادَ الْيَوْمُ أَنْ يَتَخَلَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ فَاحْتَضَنَهُ وَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى الطَّعَامِ وَالْغَمَامَةُ تَسِيرُ عَلَى رَأْسِهِ وَانْقَلَعَتِ الشَّجَرَةُ مِنْ أَصْلِهَا حِينَ فَارَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَجَعَلَ بَحِيرَا يَلْحَظُهُ لَحْظًا شَدِيدًا وَيَنْظُرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ قَدْ كَانَ يَجِدُهَا عِنْدَهُ مِنْ صِفَتِهِ فَلَمَّا تَفَرَّقُوا عَنْ طَعَامِهِمْ قَامَ إِلَيْهِ بَحِيرَا فَقَالَ: يَا غُلَامُ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ اللَّاتِ وَالْعُزَّى إِلَّا أخْبَرْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَأَيُّ حَقٍّ لَهُمَا عِنْدِي؟ لَا تَسْأَلْنِي بِحَقِّ الَّاتِ وَالْعُزَّى؛ فَوَاللَّهِ مَا أَبْغَضْتُ شَيْئًا قَطُّ بُغْضَهُمَا، وَمَا تَأَمَّلْتُهُمَا بِالنَّظَرِ إِلَيْهِمَا كَرَاهَةً لَهُمَا، وَلَكِنِ اسْأَلْنِي بِاللَّهِ أُخْبِرْكَ عَمَّا تَسْأَلُنِي عَنْهُ إِنْ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ» قَالَ بَحِيرَا: فَبِاللَّهِ أَسْأَلُكَ، وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِهِ فَيُخْبِرُهُ حَتَّى سَأَلَهُ عَنْ نَوْمِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي وَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي عَيْنَيْهِ إِلَى الْحُمْرَةِ ثُمَّ قَالَ لِقَوْمِهِ: أَخْبِرُونِي عَنْ هَذِهِ الْحُمْرَةِ تَأْتِي وَتَذْهَبُ أَوْ لَا تُفَارِقُهُ؟ قَالُوا: مَا رَأَيْنَاهَا فَارَقَتْهُ قَطُّ وَكَلَّمَهُ أَنْ يَنْزَعَ جُبَّةً عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى ظَهْرِهِ وَإِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ﵇ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ مُتَوَاسِطًا فَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي رَأْسِهِ وَقَبَّلَ مَوْضِعَ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ: إِنَّ لِمُحَمَّدٍ عِنْدَ هَذَا الرَّاهِبِ لَقَدْرًا وَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ - لَمَّا رَأَى مِنَ الرَّاهِبِ - يَخَافُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ ثُمَّ قَالَ الرَّاهِبُ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا يَكُونُ هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ؟ قَالَ: ابْنِي قَالَ: مَا هُوَ بِابْنِكَ وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَيًّا قَالَ: فَإِنَّهُ ابْنُ أَخِي قَالَ: فَمَا فَعَلَ أَبُوهُ؟ قَالَ أَبُو طَالِبٍ: تُوُفِّيَ وَأُمُّهُ حُبْلَى بِهِ قَالَ: فَمَا فَعَلَتْ أُمُّهُ؟ قَالَ: تُوُفِّيَتْ قَرِيبًا قَالَ: صَدَقْتَ ارْجِعْ بِابْنِ أَخِيكَ إِلَى بَلَدِكَ وَاحْذَرْ عَلَيْهِ الْيَهُودَ فَوَاللَّهِ إِنْ رَأَوْهُ أَوْ عَرَفُوا مِنْهُ الَّذِي أَعْرِفُ لِيَبْغُنَّهُ عَنَتًا فَإِنَّهُ كَائِنٌ لِابْنِ أَخِيكَ شَأْنٌ عَظِيمٌ نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا وَمَا وَرِثْنَا مِنْ آبَائِنَا، وَقَدْ أُخِذَ عَلَيْنَا
1 / 169