بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الشَّيْءِ الْقَلِيلِ مِنَ الطَّعَامِ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْبَرَكَةُ حَتَّى يَشْبَعَ مِنْهُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ الْخَامِسِ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ عَرْضًا بِأَصْلِ كِتَابِهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الزَّيَّاتِ قِرَاءَةً قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الْفِرْيَابِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ فَأَقَرَّ بِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثِمِائَةٍ ١ - حَدَّثَكُمْ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمِشْقِيُّ ⦗٣٠⦘، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ، فَاسْتَأْذَنَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ فِي نَحْرِ بَعْضِ ظَهْرِهِمْ، وَقَالُوا: يُبَلِّغُنَا اللَّهُ ﷿ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ هَمَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِنَا إِذَا نَحْنُ لَقِينَا غَدًا جِيَاعًا رِجَالًا، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَتَجْمَعَهُ فَتَدْعُوَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ سَيٌبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ - أَوْ قَالَ: سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَثْيَةِ، مِنَ الطَّعَامِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ وَكَانَ أَعْلَاهُمُ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ فَجَمَعَهُ، ثُمُّ قَامَ فَدَعَا اللَّهَ ﷿ بِمَا شَاءَ ⦗٣١⦘ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْثُوا، فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ ﷿ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إِلَّا حَجَبَتَا عَنْهُ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

1 / 29

٢ - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُصْعَبٍ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيِّ، قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَزَلَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَأَصَابَ أَصْحَابَهُ جُوعٌ ⦗٣٢⦘ وَفَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ، فَجَاؤُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَشْكُونَ مَا أَصَابَهُمْ، وَيَسْتَأْذِنُونَهُ فِي أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ رَوَاحِلِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَخَرَجُوا فَمَرُّوا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمُ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ إِبَلِهِمْ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَسْئَلُكُمْ - أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْكُمُ - إِلَّا رَجَعْتُمْ مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَرَجَعُوا مَعَهُ فَذَهَبَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لَهُمْ أَنْ يَنْحَرُوا بَعْضَ رَوَاحِلِهِمْ، فَمَاذَا يَرْكَبُونَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «فَمَاذَا أَصْنَعُ بِهِمْ؟ لَيْسَ مَعِي مَا أُعْطِيهُمْ» قَالَ عُمَرُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُ مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إِلَيْكَ فَتَجْمَعَهُ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ تَدْعُو فِيهِ، ثُمَّ تُقَسِّمُهُ بَيْنَهُمْ، قَالَ: فَفَعَلَ فَدَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، فَمِنْهُمُ الْآتِي بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَجَعَلَهُ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ دَعَا فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ ﷿ أَنْ يَدْعُوَا، ثُمَّ قَسَّمَهُ بَيْنَهُمْ فَمَا بَقِيَ مِنَ الْقَوْمِ أَحَدٌ إِلَّا مَلَأَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنْ وِعَاءٍ وَفَضَلَ فَضْلٌ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، مَنْ جَاءَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ شَاكٍّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ ﷿ الْجَنَّةَ»

1 / 31

٣ - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ⦗٣٣⦘، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - شَكَّ الْأَعْمَشُ - قَالَ: لَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: «افْعَلُوا» . قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمَّ ادْعُ لَهُمْ عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، فَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ - قَالَ عُمَرُ: وَحَسِبَ قَالَ - خَيْرًا، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِنِطْعٍ، فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَاهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْكَفِّ الذُّرَةَ، وَالْآخَرُ بِكَفِّ التَّمْرِ، وَالْآخَرُ بِالْكِسْرَةِ، حَتَّى جُمِعَ عَلَى النِّطْعِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ»، قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْمُعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا ⦗٣٤⦘ مَلَئُوهُ، قَالَ: وَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فِيَحْتَجِبَ عَنِ الْجَنَّةِ» قَالَ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ: «حَدَّثَ أَبُو مُعَاوِيَةَ هَذَا الْحَدِيثَ بِبَغْدَادَ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ بِالْكُوفَةِ»

1 / 32

٤ - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي مَسِيرَةٍ، فَنَفَدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، قَالَ: حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ جِمَالِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَيْهَا فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو ⦗٣٥⦘ التَّمْرَةِ بِتَمْرَةٍ، وَذُو الْبُرَّةِ بِبُرَّةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاةٍ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ قَالَ: يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى بِهَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»

1 / 34

٥ - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعَيْنِ الرُّومِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: عَيْنُ تَبُوكَ، أَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَهُمْ شِبَاعٌ، وَنَحْنُ جِيَاعٌ، قَالَ: فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ ⦗٣٦⦘ قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ طَعَامٍ فَلْيَأْتِنَا بِهِ»، قَالَ: وَبَسَطَ نِطْعًا فَأُتِيَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ صَاعًا، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ فَقَالَ: «خُذُوا» فَأَخَذُوا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرْبِطُ كُمَّ قَمِيصِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ فِيهِ، فَصَدَرُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَقُولُهَا رَجُلٌ مُحِقٌّ فَيَدْخُلَ النَّارَ»

1 / 35