Dalāʾil al-iʿjāz taʿlīf al-Ayyūbī
دلائل الإعجاز ت الأيوبي
Editor
ياسين الأيوبي
Publisher
المكتبة العصرية
Edition
الأولى
Publisher Location
الدار النموذجية
Genres
لعمرُكَ ما يدري البعَيرُ إذا غَدَا ... بأَوْسَاقِه أَوْ راحَ ما في الغرائرِ
وقال الآخر [من الخفيف]:
يا أبا جعفر تَحَكَّمُ في الشعْـ ... ـرِ وما فيكَ ألةُ الحُكَّامِ
إنَّ نَقْدَ الدينارِ إلاَّ على الصَّيْـ ... ـرَف صَعْبٌ فكَيْفَ نَقْدُ الكلام
قد رأيناكَ لسْتَ تَفْرُق في الأشْـ ... ـعارِ بَيْنَ الأَرْواحِ والأَجْسَامِ
واعلْمْ أَنَّهم لم يَعيبوا تقديمَ الكلام بمعناه، من حيثُ جَهِلوا أنَّ المعنى إذا كان أدبًا وحكْمةً وكان غَريبًا نادرًا، فهو أَشَرَفُ مما ليس كذلك، بل عابوه مِن حيثُ كان مِنْ حُكْمِ مَنْ قَضى في جنسٍ من الأجناس بفَضْلٍ أو نقصٍ أنْ لا يَعْتبرَ في قَضِيَّتِهِ تلك، إلاَّ الأوصافَ التي تَخصُّ ذلك الجنسَ، وتَرْجعُ إلى حقيقته، وأن لا يَنْظَرَ فيها إلى جنسٍ آخر، وإنْ كان من الأوَّل بسبيلٍ أو متصلًا به اتصالَ ما لا ينفك منه. ومعلومٌ أنَّ سبيلَ الكلام سبيلُ التصوير والصياغةِ، وأنَّ سبيلَ المعنى الذي يُعَبَّرُ عنه، سبيلُ الشيء الذي يقعُ التصويرُ والصَّوْغُ فيه، كالفضة والذهب يُصاغ منهما خاتَمٌ أو سوارٌ. فكما أنَّ مُحالًا إِذا أنتَ أردْتَ النظرَ في صَوْغَ الخاتَم وفي جودةِ العملُ ورداءتهِ، أن تَنْظُرَ إلى الفضة الحاملةِ لتلكَ الصورة، أو الذهبِ الَذي وقعَ فيه العملُ وتلكَ الصنعةُ - كذلك مُحالٌ إذا أردتَ أن تَعرف مكانَ الفضلِ والمزيةِ في الكلام، أن تَنظُرَ في مجرَّد معناه. وكما أنَّا لو فضَّلْنا خاتَمًا على خاتمٍ بأن تكونَ فضةُ هذا أجودَ، أو فَصُّه أنفسَ، لم يكن ذلك تفضيلًا له من حيثُ هو خاتمَ، كذلك ينبغي إذا فضَّلنا بيتًا على بيتٍ من أجل معناه أن لا يكون تفضيلًا له من حيث هو شِعرٌ وكلامِ، وهذا قاطعٌ فاعرفْه!.
1 / 224