ليس عنده شكُّ في قدرة اللَّه على أن يرزقه الولد، على ما كان منه من كِبَر السِّنّ.
وقد جاء في آية أخرى ما يُوهِم خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ [آل عمران/ ٤٠] الآية.
والجواب عن هذا بأمور:
الأول: ما أخرجه ابن جرير عن عكرمة والسدي: من أن زكريا لما نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ [آل عمران/ ٣٩]، قال له الشيطان: ليس هذا نداء الملائكة، وإنما هو نداء الشيطان. فداخل زكريا الشك في أن النداء من الشيطان، فقال عند ذلك الشك الناشئ عن وسوسة الشيطان قبل أن يتيقن أنه من اللَّه: ﴿أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ﴾ [آل عمران/ ٤٠]. ولذا طلب الآية من اللَّه على ذلك بقوله: ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ الآية [آل عمران/ ٤١].
الثاني: أنَّ استفهامه استفهام استعلام واستخبار؛ لأنه لا يدري هل اللَّه يأتيه بالولد من زوجه العجوز، أو يأمره بأن يتزوج شابة، أو يردهما شابين.
الثالث: أنه استفهام استعظام وتعجب من كمال قدرة اللَّه تعالى.
واللَّه تعالى أعلم.
قوله تعالى: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ [آل عمران/ ٤٩].